تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
قُلْت: وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ لسَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرَّازِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِن بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْم إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أهْلِ الْحَدِيثِ، كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ.
وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكرْهَا أَحَدٌ مِن أَصْحَابِ مَالِكٌ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ.
وَلَكِنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِن وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا قَوْلُهُ: "أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللّهِ وَأَدْعُو؟ فَقَالَ: وَلمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدمَ"؛ فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَن مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِن الْأَئِمَّةِ وَسَائِر السَّلَفِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ؛ بَل إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالدُّعَاءِ لَهُ. [١/ ٢٢٧ - ٢٣٠]
* * *
(الردّ علي ما روي أن عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ أمر رجلًا أن يدعو بدعاء الأعمى)
٢١١ - عَن أَبِي أمامة سَهْلِ بْنِ العتبية أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عفان فِي حَاجَةٍ لَهُ، وَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ الرَّجُلُ عُثْمَانَ بْنَ حَنِيفٍ فَشَكَا إلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حَنِيفٍ: ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، ثُمَّ ائتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِك إلَى رَبِّي فَيَقْضِي لِي حَاجَتِي، ثُمَّ اُذْكُرْ حَاجَتَك، ثُمَّ رُحْ حَتَّى أَرُوحَ مَعَك، قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ ذَلِكَ،
1 / 162