145

تقريب فتاوى ابن تيمية

تقريب فتاوى ابن تيمية

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ

پبلشر کا مقام

السعودية

اصناف

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَبَوَانِ؛ فَإنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الْوَلَدُ يَكُون لِلْوَالِدِ مِثْلُ أَجْرِهِ (^١)، وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُ الْوَالِدُ بِدُعَاءِ الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْأَبِ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (^٢): "إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِن ثَلَاث: صَدَقَة جَارِية، وَعِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ". فَالنَّبِيُّ ﷺ فِيمَا يَطْلُبُة مِن أُمَّتِهِ مِن الدُّعَاءِ -طَلَبُهُ طَلَبُ أَمْرٍ وَتَرْغِيب، لَيْسَ بِطَلَبِ سُؤَالٍ. فَمِن ذَلِكَ: أَمْرُهُ لنَا بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ. وَمِن ذَلِكَ أَمْرُهُ بِطَلَبِ الْوَسِيلَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ. وَمِن هَذَا الْبَابِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَأذَنَ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: "لَا تَنْسَنَا يَا أَخِي مِن دُعَائِك"، فَطَلَبُ النَّبِيِّ ﷺ من عُمَرَ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ كَطَلَبِهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ويُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَسْأَلَ اللهَ لَهُ الْوَسِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَهُوَ كَطَلَبِهِ أَنْ يَعْمَلَ سَائِرَ الصَّالِحَاتِ، فَمَقْصُودُهُ نَفْعُ الْمَطْلُوب مِنْهُ وَالْإِحْسَانُ إلَيْهِ، وَهُوَ ﷺ أَيْضًا يَنْتَفِعُ بِتَعْلِيمِهِم الْخَيْرَ وَأَمْرِهِمْ بِهِ، وَيَنْتَفِعُ أيْضًا بِالْخَيْرِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ مِن الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَمِن دُعَائِهِمْ لَهُ. وَمَن قَالَ لِغَيْرِهِ مِن النَّاسِ: اُدْع لِي -أَو لَنَا- وَقَصَدَ أَنْ يَنْتَفِعَ ذَلِكَ الْمَأمُورُ بِالدُّعَاءِ وَيَنْتَفِعَ هُوَ أَيْضا بِأَمْرِهِ ويفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا يَأْمُرُهُ بِسَائِرِ فِعْلِ الْخَيْرِ: فَهُوَ مُقْتَدٍ بِالنَبِيِّ ﷺ، مُؤْتَمٌّ بِهِ، لَيْسَ هَذَا مِن السُّؤَالِ الْمَرْجُوحِ.

(^١) وهذا خلافًا لِما يعتقده كثير من الناس، حيث يظنون أنّ كُلَ مَا يَفْعَلُهُ الْوَلَدُ من عملٍ صالح يَكُونُ لِلْوَالِدِ مِثْلُ أجْرِهِ، إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا كان صلاح الابن عائدًا -بعد الله تعالى- إلى تربية الأب وجهده ونصحه، والله أعلم. (^٢) مسلم (١٣٧٦).

1 / 151