تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
سَبْعُونَ ألفا بِغَيْرِ حِسَاب"، وَقَالَ: "هُم الَّذِينَ لَا يسترقون وَلَا يَكتَوُونَ وَلَا يَتَطَيرُونَ وَعَلَى رَبِهِم يَتَوَكَلُونَ".
فَمَدَحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُم لَا يسترقون؛ أَيْ: لَا يَطْلُبُونَ مِن أَحَدٍ أنْ يَرْقِيَهُمْ. وَالرُّقْيَةُ مِن جِنْسِ الدُّعَاءِ، فَلَا يَطْلُبُونَ مِن أَحَدٍ ذَلِكَ.
وَقَد رُوِيَ فِيهِ "وَلَا يَرْقُونَ" وَهُوَ غَلَطٌ؛ فَإِنَّ رقياهم لِغَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ حَسَنَة، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُن يَسْتَرْقِي؛ فَإِنَّ رُقْيَتَهُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ مِن جِنْسِ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلغَيْرِهِ، وَهَذَا مَأْمُورٌ بِهِ.
وَمَا يُرْوَى أَنَّ الْخَلِيلَ لَمَّا ألْقِيَ فِي الْمَنْجَنِيقِ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سَلْ، قَالَ: "حَسْبِي مِن سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي" لَيْسَ لَهُ إسْنَاد مَعْرُوفُ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ بَل الَّذِي ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (^١) عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّه قَالَ:"حَسْبِي اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، قَالَهَا إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ: ﴿قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣] .. وَقَد رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: هَل لَك مِن حَاجَةٍ؟ قَالَ: "أَمَّا إلَيْك فَلَا"، وَقَد ذَكَرَ هَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا سؤَالُ الْمَخْلُوقِ الْمَخْلُوقَ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَةَ نَفْسِهِ أَو يَدْعُوَ لَهُ: فَلَمْ يُؤمَرْ بِهِ.
بِخِلَافِ:
١ - سُؤَالِ الْعِلْمِ؛ فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ بِسُؤَالِ الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣].
وَهَذَا لِأَنَّ الْعِلْمَ:
أ - يَجِبُ بَذْلُهُ، فَمَن سُئِلَ عَن عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّه بِلِجَامٍ مِن نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(^١) البخاري (٤٥٦٤).
1 / 148