تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
مِن النَّارِ تُرِيدُ أَنْ تُحْرِقَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْعُوذَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَن أَبِي التَّيَّاحِ أنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ، وَكَانَ كَبِيرًا: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشيَاطِينُ، فَقَالَ: إِنَ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَالشّعَابِ، وَفيهِمْ شَيْطَان بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ، يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: "مَا أقُولُ؟ " قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِن شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِن شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِن شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِن شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللهُ ﵎ (^١).
فَإِذَا كَانَت الشَّيَاطِينُ تَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتُؤْذِيَهُم وَتُفْسِدَ عِبَادَتَهُم فَيَدْفَعُهُم اللهُ تَعَالَى بِمَا يُؤَيِّدُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ مِن الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ وَمِن الْجِهَادِ بِالْيَدِ: فَكَيْفَ مَن هُوَ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ؟
فَالنَّبِيُّ ﷺ قَمَعَ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنّ بِمَا أَيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى مِن أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ، وَمِن أَعْظَمِهَا الصَّلَاةُ وَالْجِهَادُ، وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ، فَمَن كَانَ مُتَّبِعًا لِلْأَنْبِيَاءِ نَصَرَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِمَا نَصَرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ (^٢).
ومِنْهَا: أَنْ يَدْعُوَ الرَّائِي بِذَلِكَ رَبَّهُ ﵎ لِيُبَيّنَ لَهُ الْحَالَ.
ومِنْهَا: أَنْ يَقُولَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ: أَأَنْت فُلَانٌ؟ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ بِالْأَقْسامِ الْمُعَظَّمَةِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ قَوَارعَ الْقُرْآنِ.
(^١) جزمُ الشيخ بالحديث واستشهاده به يدل على أنه يرى صحته، وقد صححه الألباني كما في صحيح الجامع الصغير ١/ ٧٦.
(^٢) فمن ابتْلي بسحر أو وسواس أو عين فليلجأ إلى الله تعالى أولًا، ثم يتبع منهج الأنبياء في التعامل مع مثل هذا؛ كالصلاة والذكر والرقى، ثم يفعل الأسباب الحسية والطبية التي لا تُنافي الشرع.
1 / 146