129

تقريب فتاوى ابن تيمية

تقريب فتاوى ابن تيمية

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٤١ هـ

پبلشر کا مقام

السعودية

اصناف

مِن نَفْسِهِ أَتَى، وَمِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ لَا يَأْمُرُ اللهُ بِهِ قَطُّ؛ بَل قَد نَهَى عَنْهُ؛ إذ هَذَا سُؤَالٌ مَحْضٌ لِلْمَخْلُوقِ مِن غَيْرِ قَصْدِهِ لِنَفْعِهِ وَلَا لِمَصْلَحَتِهِ، وَاللهُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَهُ وَنَرْغَبَ إلَيْهِ، ويأْمُرُنَا أَنْ نُحْسِنَ إلَى عِبَادِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقْصِدْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، فَلَمْ يَقْصِد الرَّغْبَةَ إلَى اللهِ وَدُعَائِهِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ، وَلَا قَصَدَ الْإِحْسَانَ إلَى الْمَخْلُوقِ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ. وَإِن كَانَ الْعَبْدُ قَد لَا يَأْثَمُ بِمِثْل هَذَا السُّؤَالِ، لَكِنْ فَرْقٌ مَا بَيْنَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ وَمَا يُؤْذَنُ لَهُ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَاب: "أَنَّهُم لَا يسترقون" (^١)، وَإِن كَانَ الِاسْتِرْقَاءُ جَائِزًا؟ [١/ ١٣٢ - ١٣٤] ١٨٧ - أَحَادِيث النَّهْيِ عَن مَسْاَلَةِ النَّاسِ الْأَمْوَالَ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ: "لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلةُ إلَأ لِثَلَاَثةٍ" (^٢). فَأَمَّا سُؤَالُ مَا يَسُوغُ مِثْلُهُ مِن الْعِلْمِ: فَلَيْسَ مِن هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ لَا يَنْقُصُ الْجَوَابُ مِن عِلْمِهِ بَل يَزْدَادُ بِالْجَوَابِ، وَالسَّائِلُ مُحْتَاجٌ إلَى ذَلِكَ، قَالَ ﷺ: "هَلَّا سَأَلوا إذ لَمْ يَعْلَمُوا؟ " (^٣)، وَلَكِنْ مِن الْمَسَائِلِ مَا يُنْهَى عَنْهُ، كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾ [المائدة: ١٠١]، وَكَنَهْيِهِ عَن أُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(^١) رواه البخاري (٥٧٠٥)، ومسلم (٢١٨). (^٢) روى مسلم في صحيحه (١٠٤٤) عَن قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً - والحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان؛ أي: يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين كالإصلاح بين قبلتين ونحو ذلك -فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ أسْألُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ؛ فَنَأْمُرَ لَكَ بهَا، ثُم قَالَ: "يَا قَبِيصَةُ إِنَ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِل إِلا لِأَحَدِ ثَلَاثَة: رَجُل تَحَمَّلَ حَمَالَةَ، فَحَلَّتْ لَهُ اَلْمَسْألَةُ حَتى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلِ أَصَابَتْهُ جَائِحَة اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيْش، وَرَجُل أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَة مِن ذَوِي الْحِجَا مِن قَوْمِهِ: لَقَد أَصَابَتْ فُلَانَا فَاقَةٌ، فَحَلتْ لَهُ الْمسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، فَمَا سِوَاهُنَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتَا يَأُكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا". (^٣) رواه أبو داود (٣٣٦)، وقال الألباني في صحيح أبي داود: حسن دون قوله: "إنما كان يكفيه".

1 / 135