تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
تَعَالَى فَقَد أَشْرَكَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: ﴿قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (٩٦) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)﴾ [الشعراء: ٩٦ - ٩٨] (^١).
وَكَذَا مَن خَافَ أَحَدًا كَمَا يَخَافُ اللهَ، او رَجَاهُ كَمَا يَرْجُو اللهَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا النوْعُ الثَّانِي: فَالشّرْكُ فِي الرُّبُوبِيَّةِ، فَإِنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمَالِكُ الْمُدَبّرُ، الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الضَّارُّ النَّافِعُ، الْخَافِضُ الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ.
فَمَن شَهِدَ أَنَّ الْمُعْطِيَ أَو الْمَانِعَ أَو الضَّارَّ أَو النَّافِعَ أَو الْمُعِز أَو الْمُذِلَّ غَيْرُهُ: فَقَد أشْرَكَ بِرُبُوبِيَّتِهِ.
وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ التَّخَلُصَ مِن هَذَا الشِّرْكِ: فَلْيَنْظُرْ إلَى الْمُعْطِي الْأَوَّلِ (^٢) مَثَلًا فَيَشْكُرَهُ عَلَى مَا أَوْلَاهُ مِن النِّعَمِ، وَيَنْظُرْ إلَى مَن أَسْدَى إلَيْهِ الْمَعْرُوفَ (^٣) فَيُكَافِئَهُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ ﵇: "مَن أَسْدَى إلَيْكمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوَا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أنَّكُمْ قَد كَافَأْتمُوهُ" (^٤)؛ لِأنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا للهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾ [الإسراء: ٢٠].
فَاللهِ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُعْطِي عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْأَرْزَاقَ وَقَدَّرَهَا، وَسَاقَهَا إلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ.
(^١) ومعلوم: أنهم ما سوَّوهم به في الخلق والرزق، والإحياء والإماتة، وإنما سووهم به في الدعاء والخوف والرجاء، والمحبة والتعظيم والإجلال. يُنظر: الدرر السنية (١١/ ١٦). (^٢) وهو الله تعالى، فهو الذي أجرى النعم على يد المعطي، فالله هو المنعم، والمعطي قاسم، فمن يستحق خالص الشكر والثناء والمحبة؟ (^٣) من البشر. (^٤) رواه الإمام أحمد (٥٣٦٥)، وأبو داود (٥١٠٩)، والنسائي (٢٥٦٧)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
1 / 117