تقريب فتاوى ابن تيمية
تقريب فتاوى ابن تيمية
ناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٤١ هـ
پبلشر کا مقام
السعودية
اصناف
(وجوب الخوف من الله، وتحريم الخوف من غيره)
١٦٤ - قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥] أَيْ: يُخَؤفُكُمْ بِأَوْليَائِهِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ كَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَاَلَّذِي نَخْتَاره فِي الْآيَةِ: يُخَوِّفُكُمْ أَوْليَاءَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَعْطَيْتُ الْأَمْوَالَ: أَيْ: أَعْطَيْتُ الْقَوْمَ الْأَمْوَالَ؛ فَيَحْذِفُونَ الْمَفْعُولَ الْأَوَلَ.
قُلْتُ: وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُ النَاسَ أَوْليَاءَهُ تَخْوِيفًا مُطْلَقًا، لَيْسَ لَهُ فِي تَخْوِيفِ نَاسٍ بِنَاسِ ضَرُورَةٌ؛ فَحَذَفَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا.
فَدَلَّت الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَجْعَلُ أَوْليَاءَهُ مَخُوِّفِينَ، ويجْعَلُ نَاسًا خَائِفِينَ مِنْهُمْ.
وَدَلَّت الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخَافَ أَوْليَاءَ الشَّيْطَانِ، وَلَا يَخَافَ النَّاسَ كَمَا قَالَ: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤]، فَخَوْفُ اللهِ أَمَرَ بهِ، وَخَوْفُ أَوْليَاءِ الشَّيْطَانِ نَهَى عَنْهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾ [البقرة: ١٥٠]، فَنَهَى عَن خَشْيَةِ الظَّالِمِ وَأَمَرَ بِخَشْيَتِهِ.
بَل عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَخَافَ اللهَ وَحْدَهُ وَلَا يَخَافَ أَحَدًا؛ فَإِنَّ مَن لَا يَخَافُ اللهَ أَذَلُّ مِن أَنْ ئخَافَ، فَإِنَّهُ ظَالِمٌ وَهُوَ مِن أَوْليَاءِ الشَيْطَانِ؛ فَالْخَوْفُ مِنْهُ قَد نَهَى اللهُ عَنْهُ.
وَإِذَا قِيلَ: قَد يُؤْذِينِي؟
قِيلَ: إنَّمَا يُؤْذِيك بِتَسْلِيطِ اللهِ لَهُ، وإِذَا أَرَادَ اللهُ دَفْعَ شَرِّهِ عَنْك دَفَعَهُ، فَالْأَمْرُ للهِ، وَإِنَّمَا يُسَلَّطُ عَلَى الْعَبْدِ بِذُنُوبِهِ، وَأَنْتَ إذَا خِفْتَ اللهَ فَاتَّقَيْتَهُ وَتَوَكَّلْتَ
1 / 111