78

Protection from the Schemes of Devils

التحصين من كيد الشياطين

اصناف

كالنار، تورث الغضب مثلًا لمن كتبت له أو تقوي فكره، وتجعله حادّ الذكاء، وسبعة أُخَر باردة يابسة كطبيعة التراب، تورث الثبات والصبر، وسبعة منها حارة رطبة كالهواء، تفرج الهم وتنفّس الكرب، والسبعة الأخيرة منها باردة رطبة كخاصية الماء، وهذه - بزعمهم - لتيسير الأمور وتسهيل الحاجات. ثم إنهم تعدَّوا الحروف إلى الأعداد بحسب ترقيمها في حساب الجُمَّل (أبجد هوز ...)، فقالوا بأنها قسمين متحابة ومتنافرة؛ فما تكامل منها في الحساب كان متحابًا، فكان له أثر في إيقاع الإلفة بين المتحابَّيْنِ، وما لا يتكامل يوقع الفرقة، لكن بشرط أن يوضع الأول إذا طلع نجم الزُّهرة متقابلًا مع القمر، وأن يوضع الثاني إذا تفارقا. وهكذا ضلّ هؤلاء المنجمون السحرة ضلالًا بعيدًا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا. وحاصل ذلك كله أن كاتب الطلسمات بأعداد أو بحروف هو منجّم ساحر "يستعين - بزعمهم - بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد، وخواص العناصر والموجودات، وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر، ولم تفرق الشريعة بين السحر والطلسمات، وجعلته كله بابًا واحدًا محظورًا" (١) . والذي يدعو إلى العجب حقًا جَرْيُ أقلام بعض أهل العلم بإثبات مثل هذا التأثير لخواص الأعداد متمازجة ومنفردة، واتصالها بروحانيات الكواكب ومسارات الأفلاك، وحجتهم في ذلك واهية، ولا تعدو قولهم: وعلى الجواز عمل الناس اليوم، وشهدت لذلك التجربة، حتى إن بعضهم قال بكتابة فواتح السور من الحروف الأربعة عشر المجموعة في قولك: (نص حكيم له سر قاطع)، واعلم - رحمك الله - أن المحققين من الأئمة قد منعوا من ذلك كله، ومن هؤلاء الإمام الشوكاني ﵀ في

(١) انظر: مقدمة ابن خلدون ص ٥٠١ - ٥٠٢.

1 / 80