Pauses with the Prophetic Teachings ﷺ for His Companions
وقفات مع أحاديث تربية النبي ﷺ لصحابته
ناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
ایڈیشن نمبر
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ
اصناف
سَمِعت صَوت صارخ أوفى على جبل سلع بِأَعْلَى صَوته يَا كَعْب بن مَالك أبشر فَخَرَرْت سَاجِدا، وَعرفت أَن قد جَاءَ فرج وآذن رَسُول الله ﷺ تَوْبَة الله علينا حِين صلى صَلَاة الْفجْر ... قَالَ كَعْب: فَلَمَّا سلمت على رَسُول الله ﷺ قَالَ وَهُوَ يَبْرق وَجهه من السرُور: «أبشر بِخَير يَوْم مرَّ عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك»، قَالَ: قلت أَمن عنْدك يارسول الله أم من عِنْد الله؟ قَالَ «بل من عِنْد الل هـ»، وَكَانَ رَسُول الله ﷺ إِذا سُرَّ استنار وَجهه كَأَنَّهُ قِطْعَة قمر، وَكُنَّا نَعْرِف ذَلِك مِنْهُ. فَلَمَّا جَلَست بَين يَدَيْهِ قلت: يارسول الله إِن من تَوْبَتِي أَن أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَرسوله، قَالَ رَسُول الله ﷺ: «امسك عَلَيْك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك» . قلت: فَإِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر وَقلت: يارسول الله إِن الله نجاني بِالصّدقِ وَإِن من تَوْبَتِي أَن لَا أُحَدَّث إِلَّا صدقا مَا بقيت، فوَاللَّه مَا أعلم أحدا من الْمُسلمين أبلاه الله فِي صدق الحَدِيث مُنْذُ ذكرت ذَلِك لرَسُول الله ﷺ أحسن مِمَّا أبلاني مَا تَعَمّدت - مُنْذُ ذكرت ذَلِك لرَسُول الله (إِلَى يومي هَذَا كذبا. وَإِنِّي لأرجو الله أَن يحفظني فِيمَا بقيت - وَأنزل الله على رَسُوله: ﴿لقد تَابَ الله على النَّبِي ...﴾ الْآيَات أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم (١) هَذِه قصَّة كَعْب بن مَالك ﵁ وَقد اجتزأت مِنْهَا الْمَقْصُود، وفيهَا عبر كَثِيرَة وفوائد جمة فَانْظُر كَيفَ اسْتَطَاعَ المربي ﷺ أَن يَجْعَل هَؤُلَاءِ الَّذين أخطأوا فِي سجن من غير أَن يسجنهم، فضاقت بهم الأَرْض على سعتها وتعدّى ذَلِك الضّيق إِلَى أنفسهم وَلَيْسَ هَذَا انتقامًا مِنْهُم وَلَا بغضًا وكراهية لَهُم إِنَّمَا تربية وتأديبًا من محب وتنفيذ لأوامر الرب سُبْحَانَهُ الَّذِي دبرّ ذَلِك وَأنزل فِيهِ آيَات تتلى وَلذَلِك فرِح ﷺ أَشد الْفَرح لما تَابَ الله عَلَيْهِم. وَلَقَد كَانَ لهَذَا الهجر أَثَره على
_________
(١) أخرجه البُخَارِيّ ك: الْمَغَازِي ب: حَدِيث كَعْب بن مَالك (٨/١١٣) وَمُسلم ك: التَّوْبَة ب: تَوْبَة كَعْب بن مَالك وَصَاحبه (٤/٢١٢١) .
1 / 141