Palestine: So It Won't Become Another Andalusia
فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى
اصناف
التصديق بما جاء عن النبي من المبشرات لهذه الأمة
انظروا إلى هذه الصورة الرائعة الجلية في غزوة بني النضير، يقول ﷾: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾ [الحشر:٢]، أنتم أيها المؤمنون المقاتلون المجاهدون! لما رأيتم مناعة الحصون وبأسها ظننتم أن اليهود لن يهزموا: ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا﴾ [الحشر:٢]، أي: اليهود، ﴿أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ [الحشر:٢]، ماذا حدث؟ ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحشر:٢]، ثم ما هي الغاية؟ ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾ [الحشر:٢]، الغاية من القصة أن نعتبر، القرآن ليس تأريخًا لما سبق، القرآن كتاب عظيم ينبض بالحياة ويهدي إلى صراط مستقيم.
أيها المسلمون المعتزون برسولهم ﷺ! ألم تسمعوا إلى قول رسولكم وحبيبكم محمد ﷺ، وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام مسلم ﵀: عن ثوبان ﵁: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها)؟ نعم يا إخوة! سيبلغ ملك المسلمين مشارق الأرض ومغاربها بكل ما تحمله الكلمة من معاني.
ألم تسمعوا إلى قول مرشدكم وقدوتكم محمد ﷺ، وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني وابن حبان وصححه الألباني: عن تميم الداري ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (ليبلغن هذا الأمر - يعني: الإسلام - ما بلغ الليل والنهار)، أي: كل الأرض؟ وأي جزء في الأرض لا يبلغه الليل والنهار؟ (ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين)، والمدر: الحجر أي: بيوت المدن، والوبر: هو الشعر أي: بيوت البادية، فكل بيوت الأرض مدنًا وباديةً سيدخلها الإسلام: (إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلًا يذل الله به الكفر)، وعود من الصادق المصدوق ﷺ: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣ - ٤].
بل اسمع وتأمل: روى الإمام أحمد وصححه الألباني: عن أبي قبيل ﵀ قال: كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ وسئل: أي المدينتين تفتح أولًا القسطنطينية أو رومية؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق.
قال: فأخرج منه كتابًا.
قال: فقال عبد الله: (بينما نحن حول رسول الله نكتب إذ سئل رسول الله ﷺ: أي المدينتين تفتح أولًا قسطنطينية أو رومية؟ فقال: مدينة هرقل)، أي: قسطنطينية تفتح أولًا، والقسطنطينية: هي عاصمة الدولة الرومانية الشرقية آنذاك وهي اسطنبول الآن، ورومية هي روما، وكانت عاصمة الدولة الرومانية الغربية، وكانت هاتان المدينتان معاقل النصرانية في العالم.
ويفهم من الحديث: أن الصحابة كانوا يعلمون منه ﷺ أن كلتا المدينتين ستفتحان، لكن يسألون أي المدينتين تفتح أولًا، فبشر ﷺ بفتح القسطنطينية أولًا وقد كان، وتحققت البشارة النبوية بعد أكثر من ٨٠٠ سنة، وبالضبط في ٢٠ جمادى الأولى سنة (٨٥٧هـ) على يد الفتى العثماني المجاهد: محمد الفاتح ﵀، وستحدث البشارة الثانية لا محالة، وسيدخل الإسلام روما عاصمة إيطاليا.
ولي على هذا الأمر تعليقان: التعليق الأول: إن بعض العلماء يعتقد أن فتح رومية -أو روما- سيكون بالدعوة إلى الإسلام وبإنشاء المراكز الإسلامية والمساجد فقط، والحق أن الحديث لم يشر إلى ذلك، وأرى أن قصر تفسير فتح رومية على الدعوة دون الجهاد هو نوع من الهزيمة النفسية، إذ هو لا يتخيل أنه بالإمكان أن يحرك المسلمون جيشًا لإيطاليا، فلتكن الدعوة إذًا هي التفسير للحديث، لكن سياق الحديث يوحي بأن الفتح سيكون جهادًا، وسياق الواقع كذلك يوحي بذلك، فقد فتحت القسطنطينية بعد حلقات متتالية من الجهاد المضني المستمر، وقد تفتح رومية بطريقة مشابهة؛ ولذلك جمعت مع القسطنطينية في حديث واحد: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص:٨٨].
التعليق الثاني: إن محمد الفاتح ﵀ كان يعد العدة ويجهز الجيوش فعلًا لفتح رومية؛ وذلك لاستكمال تحقيق البشارة النبوية، لكنه لم يوفق لذلك، وقد تعجبون مني حين أقول: إنني قد سعدت وحمدت الله
8 / 10