وقال: أبو نعيم الحلبي اسمه عبيد بن هشام. قلتُ: قد وثقه أبو داود وقال: إنه تغير بأخرة. وقد أنكر عليه أحاديث تفرد بها، منها هذا الحديث.
وفي النهي عن بيع المغنيات أحاديث تفرد بها آخر عن علي وعائشة ﵄ وغيرهما، وفي أسانيدها مقال.
وروى عامر بن سعد البجلي قال: دخلت عَلَى قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، فَإِذَا جواري يتغنين. فقلت: أنتم أصحاب محمد، وأهل بدر ويُفعل هذا عندكم! قال: اجلس إِنَّ شئت واسمع، وإن شئت فاذهب فإنه قد رُخص لنا في اللهو عند العرس. خرَّجه النسائي (١) والحاكم (٢) وقال: صحيح عَلَى شرطهما. والرخصة في اللهو عند العرس تدل عَلَى النهى عنه في غير العرس، ويدل عليه قول النبي ﷺ حديث عائشة المتفق عليه في "الصحيحين" (٣) "لما دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتدففان، فانتهرهما أبو بكر الصديق ﵁ وقال: مزمور الشيطان عند رسول الله ﷺ! فَقَالَ رسول الله ﷺ: دَعْهُمَا فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ". فلم ينكر قول أبي بكر ﵁، وإنما علّل الرخصة بكونه في يوم عيد، فدل عَلَى أنه يباح في أيام السرور، كأيام العيد وأيام الأفراح، كالأعراس وقدوم الغُياب ما لا يباح في غيرها من اللهو.
وإنما كانت دفوفهم نحو الغرابيل، وغناؤهم بإنشاد أشعار الجاهلية في أيام حروبهم وما أشبه ذلك.
فمن قاس عَلَى ذلك سماع أشعار الغزل مع الدفوف المصلصلة فقد أخطأ غاية الخطأ، وقاس مع ظهور الفرق بين الفرع والأصل.
_________
(١) في "السنن" (٣٣٨٣).
(٢) في "المستدرك" (٢/ ١٨٤).
(٣) أخرجه البخاري (٩٥٢)، ومسلم (٨٩٢).
2 / 448