../kraken_local/image-271.txt
اقلت له: (وما كان من حديث هذا الغلام؟) قال: (إني أكره الاطالة أن اتعقب ملالة) ، قلت له : (إن في اطالة الحديث فائدة، وفي إيجازه التقصير اع نها)، قال: (فاسمغه وإن كان طويلا، حتى اشرح لك ما كان من خبره وخبري أنا ايضبا مع خبره، ولا ادع فيه معنى إلا كشفته، ولا مستورا إلا أظهرته)، قلت له : (يا فيلسوف هذا الشأن، الكامل الغذوان (76) المخصوص فيه بالبيان) اقال: تعلم يا أخي أني وجه إلي شفيع الخادم يوما، وكان لا يصبر عني اساعة، وقد كنت انقطعت(77) عنه شهورا لموجدة قد كنت واجدتها عليه اتى رأيته يوما في دار السلطان فصالحني واعتذر مما جرى منه وأخذني امع أصحابي ومضيت إليه، وكان معي ممن أخرجته معنا غلام ولد نعمة امن آل وهب بن سليمان قد اشتهى التخنيث ومال إليه فشرد بعد وفاة أبيه اعن منزله وأهله وأحب أن يكون معنا ويتزيا بزينا، وكان حسن الدلال والفنج والوجه وبجحره، يا سيدي، من الشبق والغلمة ما ليس في جحر وأحد منا. وقد كان شكى إلينا أنه لم يكن له من يروضه في صغره ولا يفتق اقه ولا يفتح سده ولا يوسع ضيقه. وذكر أن أهل بيته وأبويه كانوا يحصرونه ويمنعونه ولا يبذلونه للخروج عن منزله ولا يتركون أحدا يكلمه ولا يكم هو أحدا، فزعا عليه ان يفسد او يصير إلى ما صار إليه اخيرا، والطبع يغلب والقضاء لا يغالب.
ووقد كان مع تودق شهوته وحرقة تودقه، بالحال التي ذكر من ترك الرياضة وفقد السعة وضيق الفقحة. وكان كثيرأ ما يرى نزو شطارنا اعينا ودفعهم فينا وسهولة ذلك علينا فيبكي تحسرا، ويتنهد تفجعا، ويشهق تودقا. فلقد كنا نرق له كلنا ونرحمه ونعده بالعناية بأمره والحرص اعل تعلمه وأن نجيئه بمن يسويه ونبذل له في تسويته دراهم ونجتهد في اذلك . فكان يشكرنا على هذه النية وما نظهر له من حسن الطوية.
صفحہ 279