الجو أضيق ما لاقاه ساطعها ... ومقلة الشمس فيه أحير المقل
ينال أبعد منها وهي ناظرة ... فما تقابله إلا على وجل
قد عرض السيف دون النازلات به ... وظاهر الحزم بين النفس والغيل
ووكل الظن بالأسرار فانكشفت ... له ضمائر أهل السهل والجبل
هو الشجاع يعد البخل من جبن ... وهو الجواد يعد الجبن من بخل
يعود من كل فتح غير مفتخر ... وقد أغذ إليه غير محتفل
ولا يجير عليه الدهر بغيته ... ولا تحصن درع مهجة البطل
إذا خلعت على عرض له حللا ... وجدتها منه في أبهى من الححل
بذي الغباوة من إنشادها ضرر ... كما تضر رياح الورد بالجعل
لقد رأت كل عين منك مالئها ... وجردت خير سيف خيرة الدول
فما تكشفك الأعداء عن ملل ... الحروب ولا الآراء عن زلل
وكم رجال بلا أرض لكثرتهم ... جمعهم أرضا بلا رجل
ما زال طرفك يجري في دمائهم ... مشى بك مشي الشارب الثمل
يا من يسير وحكم الناظرين له ... فيما يراه وحكم القلب في جدل
إن السعادة فيما أنت فاعله ... وفقت مرتحلًا أو غير مرتحل
أجر الجياد على ما كنت مجريها ... وخذ بنفسك في أخلاقك الأول
ينظرن من مقل أدمى أحجتها ... قرع الفوارس بالعسالة الذبل
فلا هجمت بها إلا على ظفر ... ولا وصلت بها إلا إلى أمل
وقال يمدح أبا محمد الحسين بن عبيد الله بن طغج بن جف:
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم ... علمت بما بي بين تلك المعالم
ولكنني مما ذهلت متيم ... كسال وقلبي بائح مثل كاتم
وقفا كأنا كل وجد قلوبنا ... تمكن من أذوادنا في القوائم
ودسنا بأخفاف المطايا ترابها ... فما زلت أستشفي بلثم المناسم
ديار اللواتي دارهن عزيزة ... بطول القنا يحفظن لا بالتمائم
حسان التثني ينقش الوشي مثله ... إذا مسن في أجسامهن النواعم
ويبسمن عن در تقلدن مثله ... كأن التراقي وشحت بالمباسم
فما لي وللدنيا طلابي نجومها ... ومسعاي منها في شدوق الأراقم
من الحلم أن تستعمل الجهل دونه ... إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم
وأن ترد الماء الذي شطره دم ... فتسقي إذا لم يسق من لم يزاحم
ومن عرف الأيام معرفتي بها ... وبالناس روى رمحه غير راحم
فليس بمرحوم إذا ظفروا به ... ولا في الردى الجاري عليهم بآثم
إذا صلت لم أترك مصالًا لفاتك ... وإن قلت لم أترك مقالًا لعالم
وإلا فخانتني القوافي وعاقني ... عن ابن عبيد الله ضعف العزائم
عن المقتني بذل التلاد تلاده ... ومجتنب البخل اجتناب المحارم
تمنى أعادية محل عفاته ... وتحسد كفية ثقال الغمائم
ولا يتلقى الحرب إلا بمجهة ... معظمة مذخورة للعظائم
وذي لجب لاذوا الجناح أمامه ... بناج ولا الوحش المثار بسالم
تمر عليه الشمس وهي ضعيفة ... تطالعه من بين ريش القشاعم
إذا ضوؤها لاقى من الطير فرجة ... تدور فوق البيض مثل الدراهم
ويخفى عليك البرق والرعد فوقه ... من اللمع في حافاته والهماهم
أرى دون ما بين الفرات وبرقة ... ضرابًا يمشي الخيل فوق الجماجم
وطعن غطاريف كأن أكفهم ... عرفن الردينيات قبل المعاصم
حمته على الأعداء من كل جانب ... سيوف بني طغج بن جف القماقم
هم المحسنون الكر في حومة الوغى ... منه كرهم في المكارم
وهم يحسنون العفو عن كل مذنب ... ويحتملون الغرم عن كل غارم
حييون إلا أنهم في نزالهم ... أقل حياء من شفار الصوارم
ولولا احتقار الأسد شبهتمهم بها ... ولكنها معدودة في البهائم
سرى النوم عني في سراي إلى الذي ... صنائعه تسري إلى كل نائم
إلى مطلق الأسرى ومحترم العدى ... ذوي الشكوى ورغم المراغم
كريم نفضت الناس لما بلغته ... كأنهم ما جف من زاد قادم
وكاد سروري لا يفي بندامتي ... على تركه في عمري المتقادم
وفارقت شر الأرض أهلًا وتربة ... بها علوي جده غير هاشم
1 / 41