وقال يمدح حفص بن عمر الأزدي
عفت أربعُ الحلاّت للأربع الملد ... لكل هضيم الكشح مجدولة القدِ
لِسلمى سلامانٍ وعمرةِ عامرٍ ... وهند بني هندٍ وسعدى بني سعدِ
ديارٌ هراقت كلَّ عينٍ شحيحةٍ ... واوطنت الأحزان كلَّ حشًا جلد
فعوجا صدور الأرحبي وأسهلا ... بذاك الكثيب السهل والعلم الفرد
ولا تسألاني عن هوى قد طعمتما ... جوته فليس آلوجدُ إلاَّ من الوجد
حططتُ إلى الأرض الجديدي أرحلي ... بمهريةٍ تنباعُ في السير أو تخدي
تؤم شهاب الأزد حفصًا فإنهم ... بنو الحرب لا ينبوا ثراهم ولا يكدي
ومن شك أن الجود والبأس فيهمُ ... كمن شك في أنَّ الفصاصة في نجد
أنختُ إلى ساحاتهم وجنابهم ... ركابي فأضحى في ديارهمُ وفدي
إلى سيفهم حفص ومازال يُنتضى ... لهم مثلُ ذاك السيف من ذلك الغمد
فلم أغش بابًا أنكرتني كلابُهُ ... ولم أتشبث بالوسيلة من بُعد
فأصبحتُ لاذل السؤال أصابني ... ولا قدحت في خاطري روعة الرد
يرى الوعد أخزى العار إن هو لم تكن ... مواهبهُ تأتي مقدَّمة الوعد
فلو كان مايعطيه غيثًا لأمطرت ... سحائبه من غير برقٍ ولا رعد
دَرّيةُ خيلٍ لا تزال لدى الوغى ... له مخلبٌ وردٌ من الأسد الورد
من القومُ جعدٌ أبيضُ الوجه والندى ... وليس بنانٌ يحتدى منه بالجعد
فأبتُ وفد مجت خرسانُ داءها ... وقد نغلت أطرافها نغل الجلد
وأوباشها خزرٌ إلى العرب الألى ... لكيما يكون الحرُ من خولِ العبد
ليالي بات العزُ في غير بيتهِ ... وعُظّمِ وغدُ القوم في زمن وغد
وما قصدوا إذ يسحبون على الثرى ... برودهمُ إلاّ إلى وارث البرد
وراموا دمَ الإسلام لامن جهالةٍ ... ولا خطأٍ بل حاولوه على غمد
فمجوا به سمًا زعافا ولو نأت ... سيوفك عنهم كان أحلى من الشهد
ضمت إلى قحطان عدنان كلها ... ولم يجدوا إذا ذاك من ذاك من بد
فاضحت بك الأحياء أجمع ألفة ... وأحكم في الهيجاء نظمًا من العقد
وكنت هناك الأحنف الطب في بني ... تميم بن مر والمهلب في الأزد
وكنت أبا غسان مالك وائل ... عشية دانى حلقة الحلف بالعقد
ولما أماتت أنجم العرب الدجى ... سرت وهي أتباع لكوكبك السعدي
وهل أسد العريس إلا الذي له ... فضيلته في حيث مجتمع الأسد
فهم منك في جيش قريب قدومه ... عليهم وهم من يمن رأيك في جند
ووقرت يا فوخ الجبان على الردى ... وزدت غداة الروع في نجدة النجد
رأيت حروب الناس هزلًا وإن علا ... سناها وتلك الحرب معتدة الجد
ولا فئة إلا القنا ونأيتم ... فما لكم إلا الأسنة من زرد
ولا مدد إلا السيوف لوامعًا ... ولا معقل غير المسومة الجرد
فيا طيب مجناها وبارد وقعها ... على الكبد الحرى وزاد على البرد
ورفعت طرفًا كان لولاك خاشعًا ... وأوردت ذزد العز في أول الورد
فتى برجت هماته وفعاله ... به فهو في جهد وما هو في جهد
متت إليه بالقرابة بيننا ... وبالرحم الدنيا فاغنت عن الود
رأى سالف القربى وشابك آله ... أحق بان يرعاه في سالف العهد
فيا حسن ذاك البر إذا أنا حاضر ... ويا طيب ذاك القول والذكر من بعدي
وما كنت ذا فقر إلى صلب ماله ... وما كان حفص بالفقير إلى حمدي
ولكن شكري قلادة سؤدد ... فصاغ لها سلكًا بهيا من الرفد
فما فاتني ما عنده من حبائه=ولا فاته من فاخر الشعر ما عندي
وكم من كريم قلبه ... بذاك الثناء الغض في طرق المجد
وقال يمدح المعتصم وفيها من بديع الوصف والتشبيه المرقص المطرب
رقت حواشي الدهر فهي تمرمر ... وغدا الثرى في حليه يتكسر
نزلت مقدمة المصيف حميدة ... ويد الشتاء جديدة لا تكفر
لولا الذي غرس الشتاء بكفه ... قاسى المصيف هشائمًا لا تثمر
كم ليلة آسى البلاد بنفسه ... فيها ويوم وبله مثعنجر
مطر يذوب الصحو منه وبعده ... صحو يكاد من الغضارة يقطر
1 / 14