نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
اصناف
11
والآية الكريمة ، أما الدهن والشحم فكما ذكرت في صدر هذه المقالة والتي قبلها، ثم إن الدهن والشحم لم يردا في القرآن الكريم إلا في آيتين فقط وقد ذكرتهما، عرفت ذلك من فهرست فلوجل، اشتراه
12
لي وأنا في بغداد الأب أنستاس ا.ه كلام الكاتب.»
وكان أول اهتدائنا إلى معنى الدهن الحقيقي والأصلي بمعارضتنا إياها باليونانية التي ذكرناها في الحاشية هنا، فكتبنا في مقتطف يوليو سنة 1938 (أي المجلد 93 : 105): «هذا المعنى «الأصلي» سبق معناه الآخر الفرعي؛ أي الزيت بمعنى ما يستخرج من الأنبتة؛ إذ ورد بالمعنى الأول في الإلياذة في 32 : 501 و23 : 750، إلى غيرهما من المواطن، والعدد الأول يشير إلى رقم القصيدة بموجب ترتيبها، والرقم الثاني إلى رقم البيت بحسب ترتيبه، وجاء أيضا في الأودسة في 14 : 428 إلى مواطن عدة أخر، وكذلك في هسيودس الأسكري المتوفى بين 900 و800ق.م، في قصيدته الموسومة بثئوغونية في البيت 838، إلى غير هؤلاء الشعراء والكتبة والمؤرخين اليونانيين بما يضيق المقام عن إيراد شواهدهم، وذلك قبل الميلاد.»
وأما الدهن بمعنى الزيت فكان في أوائل النصرانية وقبيل الإسلام، فحصر العرب معنى الدهن بما ماع من الشحم، أو بما يستخرج عصرا من بعض الأنبتة الدهنية أو الدسمة، وعليه: كان العود إلى الدهن بمعنى الشحم أحمد، وهو الوجه الأوجه والأشبه، والأصل أحق أن يتبع؛ لأنه إذا جاز لنا أن نتخذ الفرع حجة لنا، فبحجة أولى أن نتبع الأصل، ويزيدنا إثباتا لذلك وأخذا به استعمال جميع الناطقين بالضاد في الربوع العربية اللسان، بلا شاذ ومن أقدم العهد، ولا يهمنا إنكار المكابرين لهذا الشيوع والتعميم، ثم قلنا: «قد قلنا سابقا: إن «الدهن» العربية تنظر إلى اليونانية (المقتطف 92 : 64)، ومعنى ذلك أنها تشبهها، وليس معناه أن اليونانية هي من العربية، ولا أن العربية هي من اليونانية، كما يتوهمه بعضهم، ولما لم يكن عندنا كلام مدون يرتقي عهده إلى ما قبل الميلاد، بخلاف ما عند الإغريق، نضطر إلى النظر في هذه اللغة اليونانية في الألفاظ المشابهة لألفاظنا فيما ورد في مدوناتهم لمعرفة قدمها عندنا؛ وعند استشارة كتبهم وجدنا أن أول معنى للدهن هو الشحم الجامد.» «وهكذا كان في لغتنا، ولو كان عندنا من المدونات القديمة، كما نرى منها عند الهلنيين، لوجدنا أول معنى كان للدهن هو الشحم الجامد، ثم انتقلوا به إلى المعنى الثاني؛ أي إلى الدهن السائل والإهالة، وبالحالة التي يكون عليها وهو في الجسم.» ا.ه. المطلوب من إيراده هنا.
وقد اهتدينا إلى معاني مئات من الألفاظ غير البينة في المعاجم باتخاذنا هذا الأسلوب اللغوي؛ أي بمعارضة ألفاظنا بألفاظهم، فكانت النتيجة من أعظم ما يحلم به فقهاء هذه اللغة المبينة.
فعرفنا أن «القنسطبط» هي خمرة معروفة عند الأقدمين، لا «شجرة» كما وردت في جميع كتب اللغة (راجع مقالتنا في جريدة الأهرام الصادرة في 3 / 9 / 37) وأصلها في اليونانية
Κονυξίιης (οίνος) (Konyzitès oinos) .
وقد حار علماء الطير في عصرنا هذا من معرفة اسم الطائر المسمى عند الفرنسيين
نامعلوم صفحہ