نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
اصناف
التي معناها الحديد، كأن الجمد غدا صلبا كالحديد.
وفي هذه الألفاظ سقطت الحاء وهي من الأحرف الحلقية، ورأينا السين نقلت إلى بعض اللغات بالحرف الغربي
S ، ونقلت الصاد بحرفين غربيين أي
SS ، كما في الأسلندية.
وقد اجتزأنا هنا بمعارضة حرفين عربيين، واسمين عربيين، وفعلين عربيين، بأمثالهما من اللغة السكسونية، وعندنا غيرها، إلا أن هذه الشواهد تدل على أن هناك أمثالا عديدة تؤيد هذه الفكرة، وهي أن أجداد الناطقين بالضاد اتصلوا بآباء السكسون من قديم الزمان ولا يعرف ذلك الوقت، إلا أن الآثار اللغوية لا تبقي شكا في هذا الموضوع.
منافع معارضة العربية بغيرها من اللغات
إن منافع معارضة اللغة الضادية بغيرها من اللغات لا تقدر، ولا يمكننا أن نأتي على ذكرها كلها، إلا أننا نذكر بعضها؛ إذ ما لا يدرك كله لا يترك جله.
فأول هذه الفوائد أنها تطلعنا على معاني بعض الكلم التي لم يشرحها لغويونا الأقدمون شرحا كافيا لنقف على حقيقة المشروح وقوفا يصوره لنا تصويرا لا نرتاب فيه، فهناك ألفاظ قالوا فيها: «معروف»، ولا بد أنه كان معروفا عندهم حينئذ، وأما اليوم فإن طائر الريب والشك يحوم حوله، وهناك ألفاظ لم يذكر منها إلا بعض الشيء الذي لا يكفي لتعريفه، كقول القاموس: «الدهنة، بالضم، الطائفة من الدهن، والجمع: أدهان ودهان، وقد ادهن به، على افتعل، والمدهن بالضم آلته وقارورته، شاذ.» ا.ه. هذا كل ما ذكره في هذا المعنى، فما هو الدهن؟ فلنسأل ابن منظور، فلعله يوضح لنا معناه.
قال في مادة «دهن»: «الدهن: معروف. دهن رأسه وغيره، يدهنه دهنا: بله، والاسم: الدهن، والجمع: أدهان ودهان.» إلى آخر ما سرده من الكلام والأبيات والأحاديث؛ لكن لم يتبين من كل ذلك معناه الواضح.
وقد كتب أحد الأدباء مقالات في المقتطف في جزء أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) من سنة 1936، وفي جزء أبريل من سنة 1938؛ محاولا أن يقنع أدباء العرب أن المراد بالدهن: الزيت الذي يتخذ من عصر بعض الأنبتة، مخالفا بكلامه هذا ما هو شائع عند جميع أبناء الناطقين بالضاد، وهذا الشائع هو أن الدهن يراد به كل جوهر دسم من معدني ونباتي وحيواني، على ما ورد في كلام كبار لغوييهم وكتابهم، وأظن أن من يطالع هذه السطور يتهمني بأني أنسب إليه ما لم يقل، فأنقل آخر عبارة وردت في كلامه (أي في مقتطف أبريل 1938) ودونكها بنصها: «... فنجد أن
نامعلوم صفحہ