نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
نشوء اللغة العربية ونموها واكتهالها
اصناف
وقال الشرتوني في أقرب الموارد: «وذكر بعض اللغويين أنها البقة وهو غير صحيح أيضا.» ا.ه.
وفي البستان للشيخ عبد الله البستاني: الفناة: البقرة، فانظر وتأمل!
وقال الزبيدي في ترجمة «خ ش ف»: «المخشف كمقعد: اليخدان، عن الليث، قال الصاغاني: ومعناه: موضع الجمد، قلت: واليخ بالفارسية: الجمد (وفي الأصل المطبوع: الجمدان، وهو خطأ من الناظر في نشره)، ودان: موضعه. هذا هو الصواب، وقد غلط صاحب اللسان لما رأى لفظ اليخدان في «العين»، ولم يفهم معناه، فصحفه، وقال: هو النجران، وزاد: الذي يجري عليه الباب، ولا إخاله إلا مقلدا للأزهري، والصواب ما ذكرناه.» ا.ه.
وقال في «ط و س»: «الطوس، بالضم: دوام الشيء، وهكذا في سائر النسخ، وفي بعضها: دوام المشي، وهو غلط فاحش، لا أدري كيف ارتكبه المصنف مع جلالة قدره، ولعله من تحريف النساخ، والصواب: «دواء المشي»، كما هو مضبوط بخط أبي السناء الأرموي في نسخة التهذيب، ونسبه الصاغاني إلى ابن الأعرابي، إلا أنه ضبط المشي، بفتح فسكون، وهو بكسر الشين وتشديد الياء، كما ضبطه الأرموي، ومعناه: دواء يمشي البطن وهو الإذريطوس ... فاقتصر على بعض حروف الكلمة، وفي الأساس: شرب فلان الطوس أي الإذريطوس.» ا.ه. المقصود من إيراده.
وفي محيط المحيط: «والطوس: دوام الشيء، ودواء يشرب للحفظ وهي عبارة القاموس بحروفها.»
وهذا البحث طويل المدى، عريض المنكب، حتى إننا لنستطيع أن نضع كتابا ضخما فيه، ونقر بعد إتمامه بأننا لم نبلغ منه إلا طرفا ليس إلا، ومثل هذه التصحيفات المحتبى فيها زادت في العربية منذ أن وضع المحدثون معاجمهم أي منذ نحو مائتي سنة، وفيها من المضحكات المبكيات ما يطرب ويذرف الدموع معا!
التصحيف الناشئ من تشابه رسم الحروف
ذكرنا في الفقرتين ال 13 وال 14 بعض ألفاظ من هذا القبيل، والآن نذكر لك شواهد أخر تقع تحت هذا العنوان، وأول كل شيء نبتدئ بكلام البيروني فيما يتعلق بهذا الموضوع:
قال في مقدمة كتابه «الصيدنة»: «ولكن للكتابة العربية آفة عظيمة، هي تشابه صور الحروف المزدوجة فيها، واضطرارها في التمايز إلى نقط العجم، وعلامات الإعراب التي إذا تركت استبهم المفهوم منها، وإذا انضاف إليه إغفال المعارضة، وإهمال التصحيح بالمقابلة، وذلك الفعل من عام قومنا، يساوى به وجود الكتاب وعدمه، بل علم ما فيه وجهله، ولولا هذه الآفة لكفى ما في كتاب ديسقوريدس، وجالينوس، وبولس، وأربا سيوس، المنقولة إلى العربي من الأسامي اليونانية، إلا أنا لا نثق بها ...» ا.ه. المقصود من إيراده.
ومشابهة الحروف بعضها لبعض أوقع أعظم العلماء واللغويين في مجادلات طويلة، أضاعت من السلف كثيرا من أوقاتهم وعلومهم وأعمارهم والإيغال في ضروب العرفان المفيدة، وقد أشرنا إلى هذا الأمر فيما مر بنا من الكلام، والآن نذكر لك غير ما تقدم شرحه.
نامعلوم صفحہ