وذلك لأن الله مكننا وكلفنا الطاعة لحسنها. ونهانا عن المعصية لقبحها. فصرف العبد منا تلك الطاعة، وتلك الاستطاعة، إلى ما أحب واختار؛ لأنه مختار. لذلك لق من غير إجبار، أجبره الله، على فعل من الأفعال. فهو محمود مذموم. فإنما فعل ما أمر، أو نهي، باختياره. والله الخالق لجميع ما يحدث من فعله، في حال فعله.
قيل له: فيقدر من علم الله منه المعصية، وأراد خلقها منه، أن يفعل خلاف ما علم الله؟
قال: لا.
قيل له: فإذا هو مجبور.
فقال: ليس بمجبور. وإنما قلنا: لا يقدر على فعل ما علم الله، أن لا يفعله؛ لتشاغله بما فعل، مما أمر به، أو نهى عنه.
فأما إن ترك ما اختار، فهو قادر على فعل ما اختار، في الحال التي هو مختار فيها الثاني. فهو لشغله بفعل، لا يقدر على فعل آخر. ولكنه قادر على ترك ذلك، في حال تركه، من غير مانع له، من تركه، ولا جابر يجبره. ولا حائل بينه وبينه، من قبل الله. وإنما أوتي من قبل نفسه. وبالله التوفيق.
الباب السابع والمائة
في بيان ما كلفه الله الكفار
اختلف أصحابنا في الكفار: هل مخاطبون بالعبادات والأحكام، مثل المسلمين؟ أم مخاطبون بأصل الإيمان أولا، لا غير ذلك؟ على وجهين:
أحدهما: غير مخاطبين إلا بأصل الإيمان، لا بصلاة، ولا بصوم، ولا زكاة، ولا حج. فإذا دخلوا في ذلك، خوطبوا حينئذ بذلك.
وقال آخرون من أصحابنا: بل كلهم مخاطبون بذلك، إذا كانوا كلهم معاقبين، على ترك جميعه. ولكن فعلهم ذلك، على ترتيب وتنزيل انظر إلى قوله تعالى: { فويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة } .
وأما المرتد فلم يختلف أصحابنا، في أن حكم الخطاب، في جميع ذلك كله، يجري عليه، وإن كان مرتدا. ولهذا لزمه ما تركه، من ذلك، في حال ردته. وبالله التوفيق.
الباب الثامن والمائة
في الحكمة في تكليف من علم الله أنه لا يؤمن من خلقه
وهو يعلم أنه لا يؤمن
صفحہ 91