88

نور

النور لعثمان الأصم

اصناف

ولو كان ذلك كذلك، لكان لا فرق في العقل بين الحسن والقبيح ، والفاسد والصحيح.

ولما لم يكن ذلك كذلك، صح أن الذي يستحق بالشكر من الثواب، لا يجوز أن يعطى من لا يستحق ذلك بشكره وطاعته.

وكذلك حسن التكليف، وإن كان ذلك متعينا للمكلفين، إذا كانوا ينالون منه نفعا ونعما، لا يجوز في الحكمة أن ينالوه من غير أن يستحقوه، لفعل ما كلفوه، وإن كان الله تعالى قادرا، على أن يفعل ذلك بهم،ويوصله إليهم.

والتكليف على معنيين. فمعنى تجوز إضافته إلى الله تعالى. ومعنى لا تجوز. فالذي تجوز: هو الأمر هو تكليفه عز وجل عباده أوامره ونواهيه، وطاعته وفرائضه، حسب طاقتهم.

والمعنى الذي لا يجوز: هو إنزال المكلف حاجته بالمكلف وهذا غير جائز على الله، أن يكون تكليفه العباد، لحاجة به إلى ما كلفهم، إذ كان الله تعالى غنيا عن جميع خلقه. وكل إليه محتاج مفتقر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

الباب الرابع والمائة

في لزوم التكليف

وأقسام اللازمات فيه

لزوم التكليف من كتاب الله وقوله تعالى: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم } .

ووجوب التكليف على المكلف، على طريقين:طريق عقل، وطريق نقل.

فطريق العقل، ينقسم قسمين:أحدهما معرفة الله تعالى أنه واحد، وعالم وقادر، ونحو ذلك فعلى المكلف عند ذكر ذلك وسمعه، اعتقاده وعلمه، غير معذور بجهله، بجملة، ولا الشك فيه.

والقسم الثاني: ما فيه خلاف بين الناس، مثل عالم بعلم، وقادر بقدرة، وعالم بنفسه، وقدر بنفسه. فحجة هذا تلزم بالسؤال، وبعد الاستدلال. وعلى الشاك فيه، لا يعتقد تحولا من قول المختلفين، بغي دليل. وأن يكون متمسكا بالجملة. وهي أن الله تعالى واحد، ليس كمثله شيء.

وأما ما كان طريقه طريق النقل، وهو السمعي، فغير لازم فرضه، ولا هالك من جهله، إلا بعد قيام الحجة عليه، بالخبر المنقول إليه.

صفحہ 88