نور وقاد
النور الوقاد على علم الرشاد لمحمد الرقيشي
اصناف
المسألة السادسة : اعلم أن الجهاد يكون فرض كفاية كما تقدم في المسألة الأولى ويكون فرض عين بشروط أحدها أن يكونوا كنصف عدوهم عددا وعدة لقوله تعالى : ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين والله مع الصابرين ) فأجمعت الأمة على هذا التحديد للوجوب ومفهوم العبارة بتخفيف ما زاد عنه يدل على ذلك فالعشرة وجب عليهم قتال العشرين فرض عين لا يسعهم تركه تعلقا بأن الجهاد فرض كفاية لأنه المصرح به في كتاب الله وما عدا ذلك فهو وسيلة وللواحد أن يقاتل المائة والألف ويبذل نفسه لله في إظهار العدل وتغيير المنكر ولقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) أفضل الشهادة كلمة حق تقال عند سلطان جائر يقتل عليها صاحبها وقد فعل ذلك قاتل خردلة بدلالة جابر بن زيد على خردلة ووضع يده عليه ولا يقال أنه قتل نفسه وأهلكها بل أحياها ويكفي في معرفة العدد التحري ولا يلزم التحقيق قال الشيخ الخليلي رحمه الله وربما تتعذر معرفة العدد من العدو بالتحقيق ولا سيما في الجيوش لعدم الإطلاع على العدو بمن يكون هو الحجة في ذلك لا يمكن لكن دل على جواز التحري والتقريب قوله تعالى : ( ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ) وقال تعالى : ( لقد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثلهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء ) وإنما أراهم الله إياهم كذلك ليجزيهم على قتالهم إذا رأوهم أنهم في حد من يلزمهم جهادهم ولا يجوز الفرار منهم إلى أن قال ولا أري وجها هو أثبت من هذا ولا أصح عنه لأن العدول عنه يبطل الجهاد حتما وأما العدة فهي الآلة التي يقوم بها الحرب من السلاح والخيل والإبل والباروت والرصاص والمدافع وذلك من لوازم القتال وما لها يقوم الواجب إلا به فهو واجب وأقول أن العدة لا تعتبر كثرتها وقلتها ومناصفتها وإنما تعتبر كفايتها لتلك الوقعة فقط وما يكتفي بها في تلك الحادثة وأقول أن الزمان تغير والحالات والآلات تغيرت وتبدلت فهذه الآلات الموجودة اليوم عند النصارى والدول من الطيارات والسيارات والمدافع والبنادق وغيرها من السموم والحكم لا توجد عند أهل عمان خاصة فينبغي أن ينظر لهم من أوجب الله عليه النظر فيهم ويراعي لهم الأحوال ويدافع عنهم عدوهم ويحوطهم عنه بما يلهمه الله من المصالحة عنهم الجائزة شرعا لأن قول الشارع ( صلى الله عليه وسلم ) من استرعاه الله رعية فلم يحطها أكبه الله على وجهه في النار شامل لجميع بالقتال والدفاع والمصالحة والتقية الجائزة جميعا والله أعلم .
المسألة السابعة : فيمن توجه إليه خطاب الجهاد من القرآن والسنة اعلم أن الخطاب متوجه على كل رجل عاقل بالغ حر مسلم قادر فلا يلزم امرأة ولا صبيا ولا عبدا ولا مشركا ولا عاجزا والعجز على نوعين إما لعلة بدنية وهي الضعف والمرض مطلقا كالهرم والعمى والعرج والحذر وأنواع الاسقام المانعة جميعا وأما لقاعدة حكيمة كالواحد لا يلزمه قتال أكثر من الاثنين وأما لعوارض مالية وهي الدين وعدم النفقة على من يعلوه إلى حد رجوعه وعدم الزاد وأما لأسباب خارجية كمنع الوالدين أو أحدهما أياه عن الخروج وكمن عنده مريض يقوم به ولا يجد له غيره يكفيه أياه ويخاف بتركه له ضياعا أو هلكه وكالسفر فإنه لا يلزم المسافر لوجود الضرر وقد جعل العلامة الصبحي حكم المريض والمسافر سواء والله أعلم .
صفحہ 147