أفد بطبعم المكدود بالهم راحة=براح وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما تعطي الطعام من الملح
وشعر أبي الفتح ينم عن تصرفه في العلم، كقوله:؟لئن عجزت عن شكر برك قوتي=وأوى الورى عن شكر برك عاجز
فإن ثنائي واعتقادي وطاعتي ... لأفلاك ما أوليتنيه مراكز
وقاله أيضًا:
إذا غدا ملك باللهو مشتغلًا ... فاحكم على ملكة بالويل والحرب
أما ترى الشمس في الميزان هابطة ... لما غدا وهو برج اللهو الطرب
وقال أيضًا:
شرف الوغد بوغد مثله ... مثل ما فيه زيغ وخلل
ودليل الصدق فيما قلته ... شرف المريخ في بيت زحل
وقال أيضًا:
لئن كسفونا بلا علة ... وفازت قداحهم بالظفر
فقد يكسف المرء من دونه ... كما يكسف الشمس جرم القمر
وقال أيضًا:
لا يغرنك أنني لين اللم؟ ... س فعزمي إذا انتضيت حسام
أنا كالورد فيه راحة قومٍ ... ثم للأخرين فيه زكام
وقال أيضًا:
وقد يلبس المرء خز الثياب ... ومن تحتها حالة مضنية
كمن يكتسي خده حمرة ... وعلتها ورم في الرية
وشعره في هذه الأسباب وغيرها من الأبواب، يخرج عن حد الكتاب. وله في الفن الذي كثر في أهل العصر من تجنيس الشعر كقوله:
إن أسيافنا الغضاب الدوامي ... صيرت ملكنا قرين الدوام
باقتسام الأموال من وقت سام ... واقتحام الأهوال من وقت حام
وله فيه أيضًا:
إن هز أقلامه يومًا ليعملها ... أنساك كل كمي هو عامله
وإن أقر على رق أنامله ... أقر بالرق كتاب الأنام له
ولأبي الفضل الميكالي في هذا النوع قوله:
أفدي غزالًا حماه قصر ... كجنة قد حوت نعيما
طرقته لا أهاب سوءًا ... أباحني حبه الحريما
فجاد من فيه لي براح ... شفى حريقًا به مقيما
أفدي حريقًا أباح ريقًا ... لا بل حريمًا أباح ريما
قال مسلم بن عبد الله بن جندب الهذلي: خرجت أريد العقيق، ومعي زيان السواق، فلقينا نسوة لم أر أجمل منهن، فيهن امرأة فرعتهن طولًا [وكمالًا، وبرعتهن ظرفًا وجمالًا] فأنشد ريان بيني أبي، وهما:
ألا ياعباد الله هذا أخوكم ... قتيل فهل منكم له اليوم ثائر
خذوا بدمي إن مت كل خريدة ... مريضة جفن العين، والطرف ساحر
ثم قال لي: شأنك بها يا بن الكرام، فالطلاق لي لازم إن لم يكن دم أبيك في نقابها، فأقبلت علي، وقالت: أأبوك ابن جندب؟ قلت: نعم، فقالت: إن قتيلنا لا يودى، وأسيرنا لا يفدى، فاغتنم نفسك، واحتسب أباك.
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: قال رجل من [بني] فزارة لرجل من [بني] عذرة: تعدون موتكم في الحب مزية، وإنما ذلك من ضعف البنية، ووهن العقل، وعجز الروية. فقال العذري: أما إنكم لو رأيتم المحاجر البلج، ترشق بالأعين الدعج، من فوقها الحواجب الزج، والشفاه السمر، تفتر عن الثنايا الغر، كأنها سرد الدر، لجعلتموها اللات والعزى ورفضتم الإسلام وراء ظهوركم.
وقال أعرابي: دخلت بغداد فرأيت بها عيونًا دعجًا، وحوجب زجًا، يسحبن الثياب، ويسلبن الألباب.
وقال أعرابي في امرأة ودعها:" والله ما رأيت دمعة ترقرق من عين بإثمد على ديباجة خد، أحسن من عبرة أمطرتها عينها، فأعشب لها قلبي.
وذكر أعرابي امرأة فقال: تلك شمس باهت الأرض بها شمس سمائها، وليس لي شفيع إلى اقتضائها، ولي نفس كتوم لدائها، ولكنها تفيض على امتلائها أخذه [أبو تمام] الطائي فقال:
شكوت وما الشكوى لمثلي بعادة ... ولكن تفيض النفس عند امتلائها
ووصف أعرابي نساء فقال: ظعائن في سوالفهن طول، غير قبيحات العطول، إذا مشين انتعلن الذيول، وإذا ركبن أثقلن الحمول.
وقال أبو العباس بن الحسن العلوي:
صادتك من عين القصور ... بيض أوانس في الخدور
حور تحور إلى صبا ... ك لأعين منهن حور
وكأنما برضابه ... ن جنى الرحيق من الخمور
يصبغن تفاح الخدو ... د بماء رمان النحور
وقال بعض البغداديين:
لو ذقت صيد ظباء القصور ... لأنسيت صيد ظباء الفلاة
ظباء مراتعها في القلوب ... ومشربها من لذيذ الحياة
وقال ابن الرومي:
1 / 35