وأعاد راشد المنح مرة أخرى بمناسبة الباشوية، وركب سيارته مع زوجته ليقيد اسمه في دفتر التشريفات، ثم ليذهب بعد ذلك فورا إلى زكريا باشا ليشعره أنه يعرف الفضل لأهله، وأخبره زكريا باشا بالأسماء التي ينبغي أن يمر بها ليقدم الشكر؛ مثل رئيس الوزراء ورئيس الديوان وكبير الياوران وغيرهم.
لم يمكث الباشا راشد في القاهرة أكثر من يومين، ثم أخبر خديجة أن لديه عملا في القرية وقد يضطر أن يغيب بها يومين، ولم تكن الزوجات إلى ذلك الحين يناقشن رغبات أزواجهن، وخديجة لها من ثقافتها ما يجعلها تعرف تماما متى يجمل بها أن تسأل ومتى ينبغي لها ألا تتدخل؛ فهي تدرك أن أعمال زوجها ليست مجال أسئلة لها أو تدخل.
وهكذا أخذ حضرة صاحب السعادة راشد برهان باشا طريقه إلى قريته.
الفصل السادس
في زيارته الأولى سأل: متى نجمع القطن؟ - بعد بضعة أيام. - والعزب التي تجاورنا؟ - بعدنا. - كلها؟ - كلها؛ نحن أول من زرعنا القطن في الجهة. - عظيم. سأحضر معكم الجمع هذا العام. - نزداد شرفا يا سعادة الباشا.
في زيارته الثانية ركب راشد حصانه وراح يمر بأرضه مع حمزة البلاشوني وكيل زراعته. وبدا وكأن «راشد» أخطأ الطريق فمر على حدود الأراضي المجاورة، وسأل حمزة: كم فدان قطن هذه؟ - ثلاثمائة فدان.
ولم يعقب.
وحين عاد إلى البيت قال لحمزة: أريد متولي الفراش. - سعادتك تقصد متولي صاحب الفراشة؟ - نعم. - سعادتك تنوي أن تقيم لنا ليلة بمناسبة الباشوية؟ - ستكون ليلة وأنت بطلها. - يا ليت يا سعادة الباشا لو كنت أعرف كيف أغني لغنيت للصبح. - ستغني يا حمزة. ستغني للصبح ولكن بأصوات أخرى. - سعادتك تتوقع أن أفهم؟ - مؤقتا المطلوب ألا تفهم.
وسأل متولي صاحب الفراشة: كم كلوب عندك؟ - أمرك يا سعادة الباشا. - أريد ثلاثين. - أمرك، سعادة الباشا. - خذ، اشتر ما ينقصك وحين تنتهي الليلة خذها لك. - ربنا يطيل عمر سعادة الباشا. - متى تكون مستعدا؟ - عندما تأمر. - الليلة. - أمرك.
وقال لحمزة: أريد كل نظار العزب. - أمر سعادة الباشا. - بعد ساعة. - أمرك. - ومعهم الخولية. - أمرك سعادة الباشا.
نامعلوم صفحہ