إطلاق الاسم المشتق إطلاقا حقيقيا من غير أن يكون مأخذ الاشتقاق وصفا له قائما به حال الإطلاق ومذهب الأشعري إن التكوين من الإضافات والاعتبارات العقلية مثل كون الصانع تعالى قبل كل شئ ومعه وبعده ومحييا ومميتا ونحو ذلك والحاصل في الأزل مبدء التخليق والترزيق والإحياء والإماتة وغير ذلك وتكوينه للعالم ولكل جزء من أجزائه لا في الأزل بل لوقت وجوده على حسب علمه في الأزل وإرادته فالتكوين ثابت أزلا وأبدا والمكون حادث لحدوث التعلق كما في العلم والقدرة وغيرهما من الصفات القديمة التي لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فافهم وسيأتي له زيادة تحقيق قال السعد رحمه الله في شرح العقائد ينبغي للعاقل أن يتأمل في أمثال هذه المباحث ولا ينسب إلى الراسخين من علماء علم الأصول ما يكون استحالته بديهية ظاهرة لم له أدنى تمييز بل يطلب لكلامه محملا يصلح محلا لنزاع العلماء فإن من قال التكوين عين المكون أراد أن الفاعل إذا فعل شيئا فليس هناك إلا الفاعل والمفعول وأما المعنى الذي يعبر عنه بالتكوين والإيجاد ونحو ذلك فهو أمر اعتباري يحصل في الفعل من نسبة الفاعل إلى المفعول وليس أمرا محققا مغايرا للمفعول في الخارج ولم يرد أن مفهوم التكوين هو بعينه مفهوم المكون ليلزم المحالات ثم قال ولا يتم إبطال هذا الرأي إلا بإثبات أن تكون الأشياء وصدورها عن الباري تعالى يتوقف على صفة حقيقية قائمة بالذات مغايرة للقدرة والإرادة والتحقيق إن تعلق القدرة على ووفق الإرادة بوجود المقدور لوقت وجوده إذا نسب إلى القدرة يسمى إيجادا وإذ نسب إلى الخالق يسمى الخلق والتكوين ونحو ذلك فحقيقة كون الذات بحيث تعلقت قدرته بوجود المقدور لوقته ثم يتحقق بحسب خصوصيات المقدورات خصوصيات الأفعال كالترزيق والتصوير والإحياء والإماتة وغير ذلك إلى ما لا يكاد يتناهى وأما كون كل من ذلك صفة حقيقية أزلية فمما تفرد به بعض علماء ما وراء النهر وفية تكثير القدماء جدا وإن لم تكن مغايرة والأقرب ما ذهب إليه المحققون منهم أن مرجع الكل إلى التكوين فإنه إن تعلق بالحياة يسمى إحياء وبالموت إماتة وبالصورة تصويرا وبالرزق ترزيقا إلى غير ذلك فلكل تكوين وإنما الخصوص بخصوصية المتعلقات انتهى فعلم أن في التكوين والترزيق والخلق وغيرها مذاهب ثلاثة (الأول) إن كل واحد من تلك الصفات صفة حقيقية أزلية قائمة بذاته تعالى كالعلم والحياة والقدرة وغيرها من الصفات (والثاني) إن كل واحد منها عبارة عن تعلق القدرة بوجود المقدور لوقت وجوده فيكون من قبيل الصفات الإضافية لا من قبيل الصفات الحقيقية (الثالث) إن التكوين صفة أزلية حقيقية قائمة بذاته تعالى وإن التصوير والترزيق والإحياء والإماتة يحصل من تعلق التكوين بالمكونات على وجه مخصوص وهو مذهبنا قال ملا رمضان الأقرب إلى الحق من هذه المذاهب
صفحہ 10