أحدهما: أنه صلة لـ: (من)، وهو قول الفراء، قال: ورأيتها في مصحف عبد الله ﴿مَنْ ذَا الَّذِي﴾ والنون موصولة بالذال.
والقول الثاني: أن المعنى من هذا الذي، و﴿مَّن﴾ في موضع رفع بالابتداء، و﴿الَّذِي﴾ خبره على القول الأزل، وعلى القول الثاني يكون ﴿ذَا﴾ مبتدأ و﴿الَّذِي﴾ خبره والجملة خبر ﴿مَّن﴾ .
* * *
قوله تعالى: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد: ٢١]
العرض: انبساط الشيء في الجهة المقابلة لجهة الطول، وضد العرض الطول، وإذا اختلف مقدار العرض والطول فمقدار الطول أعظم.
ويقال: لم ذكر العرض دون الطول؟
الجواب: أن العرض أقل من الطول، وإذا كان العرض كعرض السماء والأرض كان الطول في النهاية التي لا يحيط بها إلا الله تعالى، وقد قال في آية أخرى: ﴿عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [آل عمران: ١٣٣]، والمعنى: كعرض السموات، فحذف (الكاف)؛ لأن المعنى مفهوم، والدليل على أن (الكاف) مراده وجودها في قوله: ﴿كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ .
* * *
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: ٢٧] .
الرهبانية: أصلها من الرهبة، وهو الخوف، إلا أنها عبادة مختصة بالنصارى لقول النبي ﷺ (لا رهبانية في الإسلام) .