عنه: "وكان أول من احتاط في قبول الأخبار، فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر ﵁ تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئا، ثم سأل الناس فقام المغيرة بن شعبة فقال: "حضرت رسول الله ﷺ يعطيها السدس فقال: هل معك أحد، فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر"١ وإذا فنشوء هذا العلم بدأ من عهد الصحابة ولا يزال ينمو وتتسع دائرته في أذهان أهل هذا العلم.
ثالثا: حتى جاء عصر التدوين فبدأ يساير تدوين الحديث، ويواكبه جنبا إلى جنب وإن كان في دائرة ضيقة، وموزعا هنا وهناك.
قال الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة ﵀ -٢: "هذا وقد كتب العلماء فيه من عصر التدوين إلى يومنا هذا نفائس ما يكتب، من ذلك ما تجده في أثناء مباحث (الرسالة) للإمام الشافعي وفي ثنايا (الأم) له، وما نقله تلاميذ الإمام أحمد في أسئلتهم له ومحاورته معهم وما كتبه الإمام مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه، ورسالة الإمام أبي داود السجستاني إلى أهل مكة في بيان طريقته في سننه الشهيرة، وما كتبه الحافظ أبو عيسى الترمذي في كتابه (العلل المفرد) في آخر جامعه وما بثه في الكلام على أحاديث جامعه في طيات الكتاب من تصحيح وتضعيف وتقوية وتعليل، وللإمام البخاري التواريخ الثلاثة ولغيره من علماء الجرح والتعديل من معاصريه ومن بعدهم: بيانات وافية لقواعد هذا الفن تجيء منتشرة في تضاعيف كلامهم حتى جاء من بعدهم فجرد هذه القواعد في كتب مستقلة ومصنفات عدة أشار إلى أشهرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فاتحة شرحه لنخبة الفكر٣ فقال:
_________
١ تذكرة الحفاظ، ص ٢، المدخل إلى علوم الحديث للأستاذ عتر، ص ٤
٢ مقدمة الباعث الحثيث ص ١١.
٣ ص ٢.
1 / 8