تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى﴾ (١)، ويقول: ﴿ألم تر إلى الذين
يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلًا - انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثمًا مبينًا﴾ . (٢)
ومع وقوع هذا المسكين في هذا المحذور العظيم، فإنه قد جمع إليه جرمًا آخر، وهو افتخاره بالمعاصي كالغناء وكثرة السفر إلى بلاد الكفر، ومعرفته بتلك البلاد، حيث يقول ضمن حديثه عن زيارته لمصر: «... وكانوا يعجبون لحماسي وصراحتى وكثرة اطلاعي، فإذا تحدثوا عن الفن غنيت، وإذا تحدثوا عن الزهد والتصوف ذكرت لهم أني من الطريقة التيجانية والمدنية أيضًا، وإذا تحدثوا عن الغرب حكيت لهم عن باريس، ولندن، وبلجيكا، وهولندا، وإيطاليا، وأسبانيا التي زرتهاخلال العطل الصيفية، وإذا تحدثوا عن الحج فاجأتهم بأني حججت وأني ذاهب إلى العمرة، وحكيت لهم عن أماكن لايعرفها حتىالذي حج سبع مرات: كغارحراء، وغارثور، ومذبح إسماعيل، وإذا تحدثوا عن العلوم والاختراعات شفيت غليلهم بالأرقام والمصطلحات، وإذا تحدثوا عن السياسة أفحمتهم بما عندي من آراء» . (٣)
إلى أن يقول: «والمهم من كل ما حكيته في هذا الفصل هو أن شعوري بدأ يكبر، وركبني بعض الغرور، وظننت فعلًا بأني أصبحت
عالمًا، كيف لا وقد شهد لي بذلك علماء الأزهر الشريف، ومنهم من قال لي: يجب أن يكون مكانك هنا في الأزهر، ومما زادني فخرًا واعتزازًا بالنفس أن رسول الله ﷺ أذن لي في الدخول لرؤية مخلّفاته حسب ما ادعاه المسؤول عن مسجد سيدنا الحسين بالقاهرة ...» . (٤)
فهنيئًا للمؤلف بهذا الشرف، وهذه الكرامات التي أهلته بكل جدارة