اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
ایڈیٹر
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
پبلشر کا مقام
بيروت / لبنان
اصناف
التأويل، وهذا جواب عن سؤال أيضًا، وهو أن يقال: قوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذي استوقد﴾ يقتضي تشبيه مثلهم مثل المستوقد، فما مثل المنافقين ومثل المُسْتَوْقِدِ حتّى شّبّه أحدهما بالآخر؟
فالجواب: أن يقال: استعير المثل للقصّة وللصفة إذا كان لها شأن وفيها غرابة، كأنه قيل: قصتّهم العجيبةُ كقصّة الذي استوقد نارًا، وكذا قوله: ﴿مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون﴾ [الرعد: ٣٥] أي فيما قصصنا عليه من العَجَائب قصّة الجنّة العجيبة.
﴿وَلِلَّهِ المثل الأعلى﴾ [النحل: ٦٠] أي: الوصف الذي له شأن من العظمة والجلالة.
﴿مَثَلُهُمْ فِي التوراة﴾ [الفتح: ٢٩] أي: وصفهم وشأنهم المتعجّب منه، ولكن المَثَل - بالفتح - ولذلك حوفظ في لفظه فلم يغير.
و«الذي»: في محلّ خفض بالإضافة، وهو موصول للمفرد المذكّر، ولكن المراد به - هنا - جمع ولذلك روعي مّعٍنَاه في قوله: ﴿ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ﴾ فأعاد الضمير عليه جمعًا، والأولى أن يقال: إنَّ «الذي» وقع وصفًا لشيء يفهم الجمع، ثم حذف ذلك الموصوف للدّلالة عليه.
والتقدير: ومثلهم كمثل الفريق الذي استوقد، او الجمع الذي اسْتَوْقَدَ؛ ويكون قد روعي الوصف مرة، فعاد الضمير عليه مفردًا في قوله: ﴿استوقد نَارًا﴾ و«حوله»، والموصوف أخرى فعاد الضمير عليه مجموعًا في قوله: «بنورهم»، و«تركهم» .
وقيل: إنَّ المنافقين ذاتهم لم يشبهوا بذات المُسْتوقد، وإنما شبهت قصّتهم بقصّة المستوقد، ومثله قوله: ﴿مَثَلُ الذين حُمِّلُواْ التوراة ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحمار﴾ [الجمعة: ٥]، وقوله: ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت﴾ [محمد: ٢٠] .
وقيل: المعنى: ومثل كل واحد منهم كقوله: ﴿يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ [غافر: ٦٧] أي: يخرج كلّ واحد منكم. ووهم أبو البقاء، فجعل هذه الآية من باب ما حذفت منه النُّون تخفيفًا، وأنّ الأصْل: «الذين» ثم خففت بالحذف، وكأنه مثل قوله تعالى: ﴿وَخُضْتُمْ كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩]، وقول الشاعر: [الطويل] .
٢٢٥ - وَإِنَّ الَّذي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ القَمْمُ كُلُّ القَوْمِ يَا أُمُّ خَالِدِ
والأصل: «كالذين خَاضُوا» «وإنَّ الذين حانت» . وهذا وَهْم؛ لأنه لو كان من باب
1 / 372