اللباب في علوم الكتاب
اللباب في علوم الكتاب
ایڈیٹر
الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٩ هـ -١٩٩٨م
پبلشر کا مقام
بيروت / لبنان
اصناف
قالوا: لأن الخبر على هذا الوجه لا يكون صدقًا إلاّ إذا كان مسبوقًا بالمخبر عنه، والقديم يستحيل أن يكون مسبوقًا بالغير، فهذا الخبر يستحيل أن يكون قديمًا، فيجب أن يكون محدثًا.
أجاب القائلون بقدم الكلام عنه بوجهين:
الأول: أن الله - تعالى - كان في الأزل عالمًا بأن العالم سيوجد، فلما أوجده انقلب العلم بأنه سيوجد في المستقبل علمًا بأنه قد حدث في الماضي، ولم يلزم حدوث علم الله تَعَالَى، فلم لا يجوز أيضًا أن يقال: إن حبر الله - تعالى - في الأزل كان خبرًا بأنهم سيكفرون، فلما وجد كفرهم صار ذلك الخبر خبرًا عن أنهم قد كفروا، ولم يلزم حدوث خبر الله تعالى؟ .
الثاني: أن الله - تعالى - قال: ﴿لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام﴾ [الفتح: ٢٧]، فلما دخلوا المسجد الحرام، ولا بد أن ينقلب ذلك الخبر إلى انهم قد دخلوا المسجد الحرام من غير أن يتغير الخبر الأول، فإذا أجاز ذلك فلم لا يجوز في مسألتنا؟ فإن قلت: قوله: «إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا» صيغة جمع مع «لام» التعريف، وهي للاستغراق بظاهره، ثم إنه لا نزاع في تكلّم بالعام وأراد الخاص، إما لأجل أنَّ القرينة الدالّة على أن المراد من ذلك العام ذلك الخصوص كانت ظاهرةً في زمان الرَّسول ﵊ ُ - فحسن ذلك لعدم اللّبس، وظهور المقصود، وإمّا لأجل أنّ المتكلّم بالعام لإرادة الخاص جائز، وإن لم يكن البيان مقرونًا به عند من يجوز تأخير بَيَان التخصيص عن وقت الخِطَاب، وإذا ثبت ذلك ظهر أنه لا يمكن التمسُّك بشيء من صيغ العموم على القطع بالاستغراق، لاحتمال أن المراد منها هو الخاص، وكانت القرينة الدالة على ذلك ظاهرة في زمان الرسول ﵊ ُ، فلا جَرَمَ حين ذلك، وعدم العلم بوجود قرينة لا يدلّ على العدم.
وإذا ثبت ذلك ظهر أنّ استدلال المعتزلة بعمومات الوعيد على القطع بالوعيد في نهاية الضعف، والله أعلم.
فصل في المذهب الحق في «تكليف ما لا يطاق»
قال ابن الخطيب: احتج أهل السُّنة بهذه الآية وما أشبهها على تكليف ما لا يطاق وتقريره: أنه - تعالى - أخبر عن شخص معين أنه لا يؤمن قطّ، فلو صدر منه الإيمان لزم انقلاب خبر الله - تعالى - الصدق كذبًا، والكذب عند الخصم قبيح، وفعل القبيح يستلزم إما الجهل وإما الحاجة، وهما مُحَالان على الله تعالى، والمفضي إلى المُحَال محال، فصدور الإيمان منه مُحَال، فالتكليف به تكليف بالمحال، وقد يذكر هذا
1 / 319