215

اللباب في علوم الكتاب

اللباب في علوم الكتاب

ایڈیٹر

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

پبلشر کا مقام

بيروت / لبنان

اصناف

وقال آخرون: الرزق هو ما يملك وهو باطل أيضًا؛ لأن الإنسان قد يقول: اللهم ارزقني ولدًا صالحًا، أو زوجة صالحة، وهو لا يملك الولد ولا الزَّوجة، ويقول: اللهم أرزقني عقلًا أعيش به، والعقل لي بمملوك، وأيضًا البهيمة يحصل له رزقٌ ولا يكون لها ملك. وأما في عُرف الشَّرع فقد اختلفوا فيه، فقال أبو الحَسَنِ البَصْرِي: الرزق تمكين الحَيَوَان من الانتفاعِ بالشيء، والحظر على غيره أن يمنعه من الانتفاع به.
فإذا قلنا: قد رزقنا الله الأموال، فمعنى ذلك أنه مَكَّننا بها من الانتفاع بها، وإذا سألنا - تعالى - أن يرزقنا مالًا فإنا لا نقصد بذلك أن يجعلنا بالمال أخصّ.
واعلم أن المعتزلة لما فسّروا الرزق بذلك لا جَرَمَ قالوا: الحرام لا يكون رزقًا. وقال أصحابنا: الحرام قد يكون رزقًا.
قال ابن الخطيب: حُجّة الأصحاب من وجهين:
الأول: أنّ الرزق في أصل اللغة هو الحظ والنصيب على ما بيناه، فمن انتفع بالحرام، فذلك الحرام صار حظَّا ونصيبًا، فوجب أن يكون رزقًا له.
الثَّاني: أنه تعالى قال: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]، وقد يعيش الرجل طول عمره لا يأكل إلا من السّرقة، فوجب أن يقال: إنه طول عمره لم يأكل من رزق شيئًا.
أما المعتزلة: فقد احتجُّوا بالكتاب، والسُّنة، والمعنى:
أما الكتاب فوجوه:
أحدها: قوله تعالى: ﴿وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] مدحهم على الإنفاق مما رزقهم الله تعالى فلو كان الحرام رزقًا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا من الحرام، وذلك باطل بالاتفاق.
ثانيًا: لو كان الحرام رزقًا لجاز أن ينفق الغاصب منه، لقوله تعالى: ﴿مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [المنافقون: ١٠]، وأجمع المسلمون على أنَّهُ لا يجوز للغاصب أن ينفق [مما أخذه]، بل يجب رَدّه، فدلّ على أنَّ الحرام لا يكون رزقًا.
ثالثها: قوله تَعَالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ الله لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا قُلْءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ [يونس: ٥٩] فبين أن من حرم رزق الله، فهو مُفْتَرٍ على الله، فثبت أن الحرام لا يكون رزقًا.
وأما السُّنة فما رواه أبو الحسين في كتاب «الفرائض» بإسناده عن صفوان بن أمية

1 / 292