وأما التجديد فسبب الخلاف: هل هما جارحتان مستقلتان أو من الوجه أو الرأس؟ فمن اعتبر الاستقلال جدد، ومن أضافهما اكتفى بماء ما أضيفا إليه، والمذهب: الاستقلال، يمسحان سنة بجديد (1)، أعني المعمول به، بدليل أن مسحهما لا يكفي عن فرض الرأس عند من يكتفي بجزء من الرأس إجماعا، إذ لو كانا جزءا منه لكفتا عنه، ولأن الموجبين لمسح الرأس كله يقولون: لو مسح رأسه كله وتركهما أجزأ، ولأن القائلين ببعض الرأس إن أتم الثلث أو الربع بالأذنين لم يكفه، فدل على انفرادهما، أما جعلهما من الوجه فيدفعه الإجماع على عدم وجوب مسحهما في التيمم، وهل ظاهرهما ما وقعت به المواجهة أو ما يلي الرأس وهو الأظهر؟ قولان.
__________
(1) ينظر: الإيضاح، 1/ 77، 78، قاموس الشريعة، 16/ 53، وما بعدها، بيان الشرع، 8/ 109، وما بعدها، المصنف، 4/ 77.
ثم كونهما من الرأس، روى فيه الربيع (1) في مسنده عن جابر بن زيد (2)، قال: سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الأذنان من الرأس " قال: وبلغني عنه عليه السلام أنه غرف غرفة واحدة، فمسح بها رأسه وأذنيه (3) ا ه.
وذكر القطب في صحيحه تتمة المسند حديث عثمان في وضوئه عليه السلام (4)، قال: وفي هذا الحديث غسل الرجلين ثلاثا، ولم يذكر الأذنين لدخولهما في غسل الرأس (5).
__________
(1) الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي، ولد بعمان في منطقة الباطنة بمنطقة غضفان التابعة لولاية لوى، أخذ العلم عن جابر بن زيد، وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وألف المسند الذي يعتبر من أصح المسانيد، توفي بين 175 - 180ه. (ينظر: بحث الإمام الربيع محدثا، الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي، 12 - 37، ندوة من أعلامنا "الخامسة").
(2) جابر بن زيد اليحمدي الجوفي العماني أبو الشعثاء، ولد بالجوف بولاية نزوى، ويعتبر المؤسس الروحي للمذهب الإباضي، وقد تتلمذ على يد عدد كبير من الصحابة والتابعيين، توفي سنة 93ه. (ينظر: الإمام جابر بن زيد وأثره في الدعوة، للدكتور صالح بن أحمد الصوافي، ص30، وزارة التراث القومي والثقافة، ط2، 1409ه / 1989م).
(3) أخرجه الربيع، كتاب الطهارة، باب في آداب الوضوء وفرضه، ص31، ح (97).
(4) سبق تخريجه.
(5) ينظر: وفاء الضمانة بأداء الأمانة، 1/ 83.
صفحہ 69