نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
فعسفا الأسارى، وأجاعاهم، وأعرياهم، وعاقباهم، وطالباهم بالتنصر، وأنهم في جهد جهيد، وبلاء شديد، وليس هذا مما لي فيه حيلة، لأنه أمر لا يبلغه سلطاننا، والخليفة لا يطاوعني، فكنت أنفق الأموال، وأجتهد، وأجهز الجيوش حتى تطرق القسطنطينية.
فقلت[19 ب]أيها الوزير، هاهنا رأي أسهل مما وقع لك، يزول به هذا.
فقال: قل يا مبارك.
فقلت: إن بانطاكية عظيما للنصارى يقال له البطرك (1) ، وببيت المقدس آخر يقال له القاثليق (2) ، وأمرهما ينفذ على ملك الروم، [حتى انهما ربما حرما الملك فيحرم عندهم، ويحلانه فيحل] (3) . وعند الروم انه من خالف منهم هذين فقد كفر، وانه لا يتم جلوس الملك ببلد الروم إلا برأي هذين، وان يكون الملك قد دخل إلى بيعتهما، وتقرب بهما، والبلدان في سلطاننا[17 ط]، والرجلان في ذمتنا، فيأمر الوزير بأن يكتب إلى عاملي البلدين بإحضارهما، وتعريفهما ما يجري على الأسارى، وان هذا خارج عن الملك، وانهما إن لم يزيلا هذا، لم يطالب بجريرته غيرهما، وينظر ما يكون من الجواب.
قال: فاستدعى كاتبا، وأملى عليه كتابين في ذلك (4) ، وأنفذهما في الحال، وقال: سريت عني قليلا، وافترقنا.
فلما كان بعد شهرين وأيام، وقد أنسيت الحديث، جاءني
صفحہ 53