نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
قال: فأخبرت عن إبراهيم إنه قال: لما سمعت هذا قمت وانصرفت.
فلما كان من الغد جئت إلى أخي، فوجدت أبا عيسى في صدر المجلس، حيث يستحق صاحب الديوان أن يكون وهو يأمر، وينهى، وينبسط، ويتكلم، والخطاب معه في الأعمال دون الكتاب، وقد صار في السماء.
فدعتني نفسي إلى مسألة الوزير عن ذلك، فجلست إلى أن لم يبق في مجلسه غيري، فقال: شيء تقوله يا بني؟ [فقلت: شيء من الفضول أريد أن أسأل الوزير عنه] (1) .
فقال: إن كان فضولا فلا تسل عنه.
قال: قلت لا بد.
فقال: هات.
قلت: استخلاك أمس أبو عيسى فأخليته، ثم رأيتك اليوم تعامله بضد ما كنت تعمله قبل هذا، فما سبب ذلك؟ فقال: نعم، إنه خاطبني بخطاب عظم به في عيني، وكبر به في نفسي، وعلمت صدقه فيه، فرجعت له، قال لي، وقد خلا بي: أيها الوزير، أنا رجل شيخ من شيوخ الكتاب، عارف بمقدار ما أحسنه من صناعة [16 ب]الكتابة، وتقصيري فيها عن الغاية، وليس يخفى علي ما يعاملني به الوزير من الغض والهتك والتعريض للفضيحة في الصناعة، ومخاطبة الكتاب في الديوان إذا أراد مهما، ومخاطبتي إذا نزل معضل، ويجب أن يعلم الوزير أيده الله، أن حالي، ومالي، وباطني، أكثر مما يقع له، ويعرفه من ظاهري على كثرته، وأني ما أتصرف طلبا للفائدة، ولا خوفا
صفحہ 44