نساء الرسول وأولاده

شرف الدین دمیاطی d. 705 AH
80

نساء الرسول وأولاده

كتاب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاده ومن سالفه من قريش وحلفائهم وغيرهم

اصناف

وقالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر فقالوا: لعلك على دينه! قلت: أي والله، إني لعلى دينه. قالوا: لا جرم، والله لنعذبنك عذابا شديدا. فارتحلوا بنا من دارنا ونحن كنا بذي الخلصة. وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا، وحملوني على جمل ثفال شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة من ماء. حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس، ونحن قائظون، فنزلوا فضربوا أخبيتهم، وتركوني في الشمس حتى ذهب عقلي وبصري، ففعلوا بي ذلك ثلاثة أيام، فقالوا في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه. قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير باصبعي إلى السماء بالتوحيد. قالت: فوالله، إني لعلى ذلك، وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته فشربت منه نفسا واحدا، ثم انتزع مني، فذهبت أنظر، فإذا هو متعلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه. ثم دلي الثانية فشربت منه نفسا ثم رفع، فذهبت أنظر، فإذا هو بين السماء والأرض، ثم دلي إلي الثالثة، فشربت منه حتى رويت، فأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي.

قالت: فخرجوا فنظروا إلي فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ قالت: قلت لهم: إن عدو الله عندي، من خالف دينه. وأما قولكم: من أين هذا، فمن عند الله رزقا رزقنيه الله. قالت : فانطلقوا سراعا إلى قربهم وإداويهم، فوجدوها موكأة لم تحل. فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، فإن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام.

فأسلموا وهاجروا جميعا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم . وكانوا يعرفون فضلي عليهم، وما صنع الله لي.

وهي التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، وكانت جميلة، وقد أسنت فقالت: إني أهب نفسي لك، وأتصدق بها عليك. فقبلها النبي، صلى الله عليه وسلم .

صفحہ 109