نساء في حياة دستويفسكي
نساء في حياة دستويفسكي
اصناف
عموما فقد كانت سوسلوفا امرأة عظيمة بالفعل. أعرف أن الناس (ومنهم صديقة لها تدعى أنا أوسيبوفناج، كانت تكبرها بخمسة عشر عاما) كانوا مفتونين بها، أسرى لشخصيتها. لم أر روسية مثلها. كانت من وجهة روحها روسية تماما، منشقة دينية أو ربما أفضل من ذلك، السيدة العذراء لجماعة الخليستيين الذين كانوا يؤمنون في القرن السابع عشر بالتوحد مع الروح القدس.
وبمناسبة الحديث عن سوسلوفا يتذكر روزانوف إحدى الشخصيات من رواية «المذلون والمهانون»، تلك الأميرة التي يحكي عنها الأمير فالكوفسكي لإيفان بتروفيتش. تقول عنها الرواية: «حسناء من الطراز الأول. يا له من صدر، يا له من قوام، يا لها من مشية! كانت نظرتها حادة ثاقبة مثل أنثى نسر، وإنما مليئتان بالقسوة دائما وبالحذر. كانت تتصرف بوقار ومنعة وبكبرياء كامرأة صعبة المنال. كانت مشهورة بسلوكها البارد مثل الشتاء القارس، وكانت تبث الخوف في قلوب الجميع بفضيلتها الرهيبة التي لا سبيل إليها. كانت تنظر للجميع نظرة خالية من أي رغبة، مثل راهبة في كنيسة من العصور الوسطى ... ما الذي يمكن قوله عنها؟
لم تكن هناك امرأة أكثر عهرا من هذه المرأة ... كانت فتاتي شهوانية إلى حد أن الماركيز دي ساد كان يمكنه التعلم منها ... كانت الشيطان نفسه مجسدا، ولكنه شيطان جذاب، شديد الجاذبية، لا يمكنك التغلب عليه، وهلم جرا.»
هذا المقطع في رأي روزانوف كان من الممكن أن يمثل شخصية سوسلوفا أفضل تمثيل، على الرغم من أنه لا يمت إليها بصلة. لقد كتب دستويفسكي رواية «المذلون والمهانون» قبل أن يلتقي ببالينا، لكن إشارة روزانوف ذات أهمية كبرى لفهم شخصية سوسلوفا.
روزانوف يقارن هنا بينها وبين بطلات دستويفسكي الأخريات، وهي مقارنة يمكن أن تكون واقعية تماما. «إن دونيا، شقيقة راسكولنيكوفا تشبهها تماما وكذلك أجلايا،
8
إلا أنها لا تشبه جروشينكا
9
في شيء، أبدا، أبدا، أبدا. جروشينكا امرأة روسية، بذيئة، أما سوسليخا فلم تكن بذيئة ولا فظة ...» «لقد عاشت مع دستويفسكي. - لماذا انفصلت أبوليفاريا سوسلوفا عن دستويفسكي؟ - لأنه لم يرغب في تطليق زوجته المسلولة إلى أن تموت. - لكنها ماتت؟ - نعم، ماتت. بعد نصف عام، ماتت، لكنني هجرته. - ولماذا هجرته؟ - لأنه لم يرغب أن يطلقها، أصمت. لقد سلمت نفسي لحبه، دون أن أسأل، دون حسابات، وكان عليه أن يفعل مثلما فعلت، لكنه لم يفعل، ومن ثم فقد هجرته.
كان هذا أسلوبها، مثل هذا الحديث وقع لي معها حرفيا تقريبا. نفس الأفكار وفي جميع الأحوال.»
نامعلوم صفحہ