نساء في حياة دستويفسكي
نساء في حياة دستويفسكي
اصناف
سرعان ما انعقدت أواصر التعارف بين دستويفسكي وهذه الفتاة الشابة التي توارت خلف الاسم المستعار «يوري أوربيسلوف».
لقد ترك هذا اللقاء أثرا قويا على دستويفسكي، وينبغي علينا أن نعترف أن من بين النساء اللائي افتتن بهن دستويفسكي، كانت أنا فاسيليفنا كورفين كروكوفسكايا، بلا أدنى شك، أكثرهن موهبة ونبوغا وجمالا.
أنا كورفين كروكوفسكايا.
لم تصف أنا جريجوريفنا في مذكراتها «خطيبة دستويفسكي» بشكل صحيح على ما يبدو، كما أنها لم تذكر شقيقتها صوفيا التي نالت شهرة واسعة فيما بعد باعتبارها عالمة رياضيات، وكانت فتاة تتميز بجمال فائق وشخصية متكبرة.
كانت أنا فاسيليفنا فتاة ممشوقة القوام، طويلة، دقيقة القسمات، ذات شعر طويل أشقر. كانت بعينيها الخضراوين المبتسمتين تشبه عروس البحر. كانت حادة الذكاء جريئة، مستقلة ذات جمال مدهش. كانت تعد في طفولتها أميرة الحفلات الراقصة. وفي شبابها قطعت أشواطا من البحث عن طريقها الفكري في عدد من القضايا الروحية، الأمر الذي عكس على نحو واضح طبيعتها المتفردة.
أنا فاسيليفنا هي ابنة لإقطاعي واسع الثراء، قضت سنوات شبابها في ضيعتها المعروفة باسم باليبين بالقرب من فتيتيبسك. ولما كانت تشعر بالملل في هذا الريف الموحش، فقد اندفعت، وهي ابنة خمسة عشر ربيعا، إلى قراءة الروايات الإنجليزية القديمة في المكتبة العريقة في القرية. لقد أخذت بلبها ثماني شخصيات فرسان العصور الوسطى.
تحكي صوفيا كوفاليفسكايا في مذكراتها قائلة: «المصيبة الأخرى أن بيتنا الريفي كان بيتا كبيرا ضخما، له برج ونوافذ على الطراز القوطي، بني إلى حد ما بذوق القلاع في العصور الوسطى. إبان الفترة التي تلبست فيها أختي روح الفروسية لم يكن باستطاعتها أن تكتب خطابا واحدا دون أن تبدأه بكلمة (قصر باليبينو)
Chiâteau Palibino .
ظلت الغرفة العليا في البرج مهجورة زمنا طويلا، حتى إن درجات السلم الحاد المؤدي إليها كانت يفوح برائحة عطنة، وهنا أمرت أختي بتنظيفه من الغبار وبيوت العنكبوت، وعلقت على جدران الغرفة سجادا قديما وبنادق فتشت عنها في مكان ما بين سقط المتاع المهمل في العلية، ثم حولتها إلى مكان لإقامتها الدائمة.
ما زلت حتى الآن أنظر فأرى قوامها الرشيق اللدن المجسم في فستانها الأبيض الملتصق بها تماما، وقد تدلت ضفيرتاها الشقراوان الثقيلتان حتى بلغتا أسفل خصرها. في هذا الثوب كانت تجلس وراء طارة التخريم لتنسج بالخرز على الكانفاه شعار عائلة ماتفي كوروفين، ثم تنظر عبر النافذة إلى الطريق الطويل علها ترى فارسها قادما: - أختي أنا، أختي أنا! هل ترين؟ هناك شخص ما قادم. - لا أرى سوى أرض متربة ونجيل أخضر!
نامعلوم صفحہ