الجبال المجاورة المستورة بالثلج، تلك الأسوار التي أقامتها الغابة بنفسها، وبالعكس تجد هنالك الشيء الكثير من حاميتي النبات: الحرارة والرطوبة، والعدو الوحيد الذي يجرؤ على دخول تلك المحال التي هي أمنع من سواها هو الحيوان الذي يرجع إلى ما قبل الطوفان، والذي ظل باقيا من خلال الانحلال الشامل، فالفيل وحده هو من القوة ما يستطيع بأعضائه القوية أن يدوس معه ما يعاسره أو يسحق معه ما يعوقه، وما كان الإنسان ليطأ أرض الغابة البكر لولا خطوات الفيل، والفيل هو الذي رسم سبيل الأسود التي لا يزال الأبيض يتبعها في طرقه.
وإذ إن الغابة البكر هي اشتباك مستمر من الأسفل ومن الأعلى حيث يحاول الخنشار
6
والكلأ الأكبر أن يلحقا بالنبات المعرش الهابط؛ فإن السور الذي لا ينفذ منه يتألف من مائة ضعف مع الزمن من غير أن يقف رنين هذا العالم صوت الفأس حين خبطها الشجر.
وكثافة الأيكة تسفر عن سكوتها، وأصوات الطيور وحدها هي التي تنم على عمقها، هي التي تدل على جزء من بعد غورها، وما هو واقع من ضحك
7
القردة وطنين الحشرات وحفيف الدوح التي يعوزها الهواء ونقيق الضفادع في البردي،
8
وصفير الشحرور وحسيس الورلان
9
نامعلوم صفحہ