وذهبت المعتزلة إلى إنكار القدماء وبالغوا فيه ، لكن «أبا هاشم» أثبت في الأزل الأحوال الخمسة ، وهي : القادرية والعالمية والحيية والموجودية ، وعللها بحالة خامسة وهي الإلهية (1).
قيل (2): إن هذه الأحوال وإن قال بثبوتها في الأزل ، لكنه لا يقول بقدمها ، لأن القديم هو الموجود أزلا ، والحال لا توصف بالوجود والعدم ، فلا تكون قديمة.
وهو (3) أيضا راجع إلى نزاع لفظي ، لأنا لا نعني بالقديم إلا الثابت في الأزل ، ولا (4) فرق بين الثبوت والوجود.
وقد اتفق المسلمون كافة على نفي كل (5) قديم غير الله تعالى وغير صفاته ، لدلالة السمع عليه ، لأن الدليل العقلي وهو التمانع إنما دل على نفي إلهين ، فأما على نفي قديم غير قادر ولا حي ، فلا يدل العقل عليه.
وهو خطأ ، لأن ما عدا الله تعالى ممكن وكل ممكن محدث.
وذهب الحرنانيون (6) إلى إثبات قدماء خمسة ، اثنان حيان فاعلان وهما : الباري تعالى والنفس ، وعنوا بالنفس ما يعم الأرواح البشرية والسماوية ، وهي مبدأ الحياة. وواحد منفعل غير فاعل ولا حي وهي الهيولى ، واثنان لا حيان ولا فاعلان ولا منفعلان ، وهما الزمان والخلاء.
أما الباري تعالى ، فلأنه لو كان حادثا لافتقر إلى موجد ويتسلسل ، أو يدور ، أو ينتهي إلى قديم هو المبدأ له ، فيكون هو الباري تعالى ، لا ما فرضناه ، وهذا
صفحہ 239