168

متأخر عن حصول الأجزاء ، ولما كان التقدم من لوازم الجزء لذاته ، وتعقل الملزوم يستلزم تعقل اللازم القريب ، وجب أن يتصور الذهن تقدم الجزء ، فتصوره متقدم ، وتقدمه متصور. (1) أما لو عقلنا الماهية غير مفصلة ، بل بحسب عوارضها ، لم يجب تصور الجزء معها ولا تقدم تصوره ، لأن ذلك في الحقيقة ليس تصورا لتلك الماهية بل لعارضها. فالأجزاء لكونها متقدمة في الوجود الذهني ، يلزمها كونها بينة الثبوت للماهية ، أي لا تفتقر إلى وسط بينها وبين الماهية ، ولكونها متقدمة في الخارج تستغني عن السبب الجديد ، لأن تحقق الماهية إذا تأخر عن تلك المفردات ، فمتى تحققت الحقيقة فقد كانت تلك المفردات متحققة أولا ، وحينئذ لا يجوز استنادها إلى سبب آخر جديد ، لاستحالة تحصيل الحاصل. وكذا في الذهن ، لما تأخر حصول الحقيقة فيه عن تصور المفردات ، استغنى عن السبب الجديد أيضا ، وهذا الاستغناء الثاني (2) هو المراد بالتبين. وخاصية (3) التقدم أخص من الخاصية التي هي الاستغناء عن السبب ، لأن الأولى هو الحصول المتقدم ، والثانية هي مطلق الحصول. فلهذا قالوا : «لا يلزم من كون الوصف بين الثبوت للشيء وكونه غنيا عن السبب كونه ذاتيا».

لا يقال : لو اقتضى عدم الجزء عدم الكل ، لزم اجتماع العلل الكثيرة على المعلول الشخصي ، أو الترجيح من غير مرجح ، والتالي باطل بما يأتي ، فالمقدم مثله.

بيان الشرطية : أنه لو عدمت الأجزاء دفعة ، فإما أن يستند عدم الماهية إلى

صفحہ 172