بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه.
أمّا بعد:
فإنَّ الإسنادَ خَصيصةٌ فاضلةٌ من خصائص هذه الأمَّة، وسُنَّةٌ بالغةٌ من السُّنن المؤكَّدة (١)، ولم يكن في أمَّةٍ من الأمم مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدمَ ﵇ أمناءُ يحفظونَ آثارَ الرسُلِ إلا في هذه الأمَّة (٢)، قال أبو علي الجَيَّاني: خَصَّ اللهُ هذه الأمةَ بثلاثةِ أشياءَ لم يُعْطِها مَنْ قَبْلَها: الإسنادِ والأنسابِ والإعرابِ (٣).
وقد حَرَصَ العلماءُ على هذه الفضيلة، فتطلَّبوا الأسانيدَ وَقَطعوا المَفاوِزَ والقِفَار في سبيلِ تحصيلها، وأثنَوا على مُحصِّليها، وعَابوا على
_________
(١) انظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: ٢٢٥).
(٢) رواه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (ص: ٤٣) عن أبي حاتم الرازي.
(٣) انظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (ص: ١٦٥).
1 / 5