لقد فرضتم إرادتكم وقيمكم على نهر الصيرورة؛ ولقد استبان لي ما ظنه العامة خيرا وشرا، فإذا هو إرادة قوة كامنة منذ القدم.
إنكم أنتم، يا أعظم الحكماء، الذين أجلستم هؤلاء الضيوف في القارب، وأضفيتم عليهم زينتهم وأسماءهم الجليلة، أنتم وإرادتكم المتحكمة فيكم.
والآن، يظل النهر يدفع قاربكم إلى الأمام؛ فهو «مضطر» إلى ذلك. ولا أهمية للأمواج التي تزيد وهي تنكسر على القارب، وتصطدم به في عنف. فليس في النهر يكمن الخطر. وليس في نهاية خيركم وشركم، يا أعظم الحكماء ، وإنما في تلك الإرادة ذاتها - إرادة القوة، إرادة الحياة الخالقة التي لا تنفد.
ولكن، لكي تفهموا كلمتي عن الخير والشر، فإني قائل لكم كلمتي هذه أيضا عن الحياة وعن طبيعة الأحياء أجمعين.
لقد تعقبت الأحياء، وسرت في أكبر الطرق وأصغرها، لأصل إلى معرفة طبيعتهم.
وبرغم أن في الأحياء قد ظل مغلقا، فقد التقطت نظرتهم بمرآتي ذات المائة وجه، حتى تتحدث إلي عينهم - وقد تحدثت إلي بالفعل.
إنني كلما وجدت حيا، سمعت أيضا حديث الطاعة، فكل ما هو حي مطيع.
وهذه كلمتها الثانية، إن من لا يعرف كيف يطيع ذاته، يأمره غيره - تلك هي شيمة الأحياء.
وهاك ثالث ما سمعت: إن الأمر لأشق من الطاعة. ليس ذلك لأن الآمر يضع على عاتقه حمل كل المطيعين، ولأن هذا الحمل يكاد يحطمه فحسب.
وإنما بدا لي كل أمر مغامرة ومخاطرة، وكلما كان الحي آمرا، كان في ذلك مخاطرا بنفسه.
نامعلوم صفحہ