نظریہ تطور اور انسان کی اصل
نظرية التطور وأصل الإنسان
اصناف
عندما تتغير البيئة تتغير عادات الأحياء كي تلائم الحالة الجديدة، وما تبذله هذه الأحياء من مجهود في هذا التغير ينتقل بالوراثة إلى الأبناء؛ فالعادة المكتسبة بالمجهود الفردي تعود - بتكرارها في الأجيال المتعاقبة - صفة وراثية لازمة.
تنازع البقاء
ليس شيء يزيد بصيرة القارئ نفاذا في الطبيعة، ويجعله يدرك قيمة نظرية التطور ويشرب مبادئها، مثل أن يفهم تنازع البقاء؛ فالقارئ يفهم لأول وهلة من هذه العبارة أن الأحياء تتنازع البقاء على الحياة، وهذا هو معناها على الحقيقة، ولكن معناها على المجاز أوسع وأكثر عملا في الطبيعة.
قال داروين: «إني أستعمل عبارة تنازع البقاء لمعنى مجازي واسع يدخل فيه توقف حياة فرد على آخر، وأيضا - وهو الأهم - تمكين الفرد من أن يختلف نسلا».
فليس تنازع البقاء كفاحا عضليا يمتاز فيه القوي من فردين متنازعين فقط، بل هو أيضا جملة كفايات أخرى كثيرا ما تكون غامضة ضئيلة القيمة، ولكنها تظهر الحاصل عليها على خصمه، وقد لا يكون خصمه فردا مثله، بل قد يكون هذا الخصم حرا شديدا، أو جفافا، أو قحطا، أو مرضا، أو قد لا يكون التنازع بينه وبين حيوان آخر مباشرة، بل قد يكون بين حيوانين أو نباتين، حياته هو متوقفة على أحدهما، بحيث يبلغه صدى المعركة بينهما، وينفعه أو يضره.
والمواد الخامة التي يقوم عليها قانون تنازع البقاء ثلاث، هي: (1)
أن نسل الأحياء كثير جدا، لا يمكن أن تستوعبه بحار العالم ويابسته؛ لأن العالم محدود والنسل غير محدود. (2)
إن كل فرد يولد في هذا العالم يختلف عن غيره، وهذا الاختلاف إما أنه - في مزاحمته لغيره على البقاء - يضره ويؤدي إلى فنائه، وإما أنه ينفعه ويؤدي إلى بقائه. (3)
تتراكم على مدى السنين تلك الميزات الصغيرة التي تميز الأفراد الناجحة في الحياة، ويرثها أبناؤها منها، بحيث إذا مضى مليون عام - مثلا - صار الفرد الأخير كثير الاختلاف عن الجد الأول، حتى يصير كل منهما نوعا قائما برأسه.
وكل حي في العالم - كما قال «هكسلي» - أشبه شيء بالدوامة؛ تراها في الماء وكأنها ساكنة، ولكنها في الحقيقة متحركة، تتبدل أجزاؤها دقيقة بعد أخرى؛ فالحي متوقف على حال الوسط الذي حوله، وكذلك النوع، وكلاهما يتأثر بهذا الوسط بما فيه من جو وطعام وأعداء وغير ذلك، فليس يتفق فردان كما لا تتفق سلالتان؛ لأن كل فرد ينزع نزعة خاصة به كما هي طبيعة كل حي، ولأنه لا يوجد وسطان يتفقان في كل شيء؛ فاختلاف الوسط يؤدي إلى اختلاف الحي الذي يعيش فيه.
نامعلوم صفحہ