12
ويؤكد أن وجود الموضوعات الخارجية أمر لا سبيل إلى الشك فيه، بشرط أن تفهم على أنها «ظواهر» لا أشياء في ذاتها، أي إنك تستطيع أن تحتفظ بكل آرائك ومعارفك عن الأشياء الخارجية، وتعاملها دائما على نفس النحو، وكل ما هو مطلوب منك هو أن تفسرها من خلال لغة «الظواهر» لا «الأشياء في ذاتها»، وعلى أية حال فقد نظر كانت إلى فلسفته ذاتها على أنها تمثل نوعا آخر من المثالية الترنسندنتالية أو النقدية، وهي مذهب يؤكد مثالية «شروط المعرفة»، ويدع كل شيء على ما هو عليه بشرط أن يفهم من خلال شروط المعرفة المثالية هذه، وكما أوضحنا من قبل، فليس الفارق بين مثالية كانت والأنواع الأخرى التي انتقدها من المثالية خطيرا إلى الحد الذي يبرر نظر كانت إليها على أنها مذهب «يفنده» مذهبه الخاص في المثالية.
كذلك ينتقد شوبنهور مثالية فشته الذاتية، ويؤكد أن مذهبه ليس ماديا ولا مثاليا،
13
هذا في الوقت الذي ينطق فيه كتابه «العالم إرادة وتمثلا» بلغة المثالية منذ أول جملة فيه، وفي الوقت الذي انتقد فيه كانت لأنه حذف في الطبعة الثانية من «نقد العقل الخالص» كثيرا من الأفكار «المثالية» التي تضمنتها طبعته الأولى،
14
وعلى أية حال فإن شوبنهور يؤيد الرأي الذي نقول به تأييدا أوضح؛ إذ يقول: «إن المثالية تترك الحقيقة التجريبية للعالم دون مساس.»
15
وكل ما في الأمر أن معنى موضوعية ذلك العالم لا يفهم إلا من خلال الذات.
ومثل هذا الموقف - الذي كان فيه دون شك متأثرا بتعاليم كانت - يدل على إدراك ضمني للطبيعة التفسيرية لمذهبه الخاص في المثالية.
نامعلوم صفحہ