نظرية الاختيار: مقدمة قصيرة جدا
نظرية الاختيار: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
حتى الآن يدور النقاش حول الاختيار الفردي، وسوف أختتم بمناقشة للاختيار الجماعي، مستكشفا آليات تحقيق هذا، مثل الديمقراطية والديكتاتورية. وتسري هذه المناقشة على أمور مثل اختيار مطعم من قبل مجموعة من الأصدقاء، وعلى نطاق أكبر، المزايا النسبية لنظام «الفوز للأكثر أصواتا»، والتمثيل النسبي في الانتخابات. والعلاقات بين هذه المواقف موضحة في الشكل.
في المناقشة الأساسية في كل موقف أسير في أربع مراحل؛ الأولى: أعرض لبعض الأمثلة التي يبدو فيها شيء ما خاطئا. قد يكون المثال على ذلك هو مثال «الشطائر» المذكور أعلاه. الثانية: أشير للمشكلات العامة التي قد تقف وراء هذه الأمثلة؛ ففي مثال «الشطائر» أشير إلى أن الخطأ يكمن في تغير اختيارك حين تتسع القائمة بسبب إضافة شيء لا ترغبه من الأساس. الثالثة: أقترح كشرط للاختيار العقلاني ضرورة عدم ظهور مثل هذه المشكلات. وهذا في الواقع من شأنه تحديد معنى أن تكون عقلانيا. في مثال الشطائر، قد يكون الشرط هو ألا تؤثر إضافة صنف غير ملائم للقائمة على اختيارك، وسوف يعتبر الاختيار عقلانيا إذا استوفى هذا الشرط (في الواقع، وكما سنرى، لا يعد هذا الشرط - برغم كونه ضروريا - كافيا لاعتبار الاختيار عقلانيا). أما في المرحلة الرابعة، فأكتشف إجراء لتحقيق الاختيار يتسم بالعقلانية بهذا المعنى؛ أي إنني أقدم توصيفا للاختيار العقلاني. في سياق «الشطائر»، قد يكون التوصيف هو أن اختيارك يكون عقلانيا فقط إذا كان بوسعك وضع قائمة بجميع العناصر المتاحة بترتيب ما، واختيار العنصر الذي يتصدر قائمتك. ويقدم ملخص لهذه المناقشة الخاصة بالمراحل الأربع في نهاية كل فصل من الفصول ذات الصلة. وإلى جانب تكرار النقاط الأساسية، يقدم هذا الملخص، بالإضافة إلى المسرد، موضعا ملائما للرجوع إلى التعريفات المتعددة.
شكل : شجرة عائلة «نظرية الاختيار» كما يتناولها الكتاب.
بعد تناول الأفكار الأساسية في كل موقف، أستعرض بشكل أكثر إيجازا بعض الإضافات، وأبدأ بإبداء بعض الملاحظات حول الكيفية التي تتغير بها القصة - إن تغيرت من الأساس - إذا دخل الزمن الصورة بطريقة جوهرية.
بعد ذلك أعرض (ما يزعم أنه) متناقضة تجريبية، وعادة ما يكون هذا عبارة عن موقف يشارك فيه أشخاص في تجارب معملية، ويبدو أنهم يتصرفون بشكل غير عقلاني. هناك العديد من الاستجابات لمثل هذه المتناقضات؛ أولا: يمكننا أن نفترض مسبقا أن الأشخاص يتصرفون بشكل مختلف حين يواجهون باختيارات حقيقية أو مهمة، عنه حين يواجهون باختيارات مصطنعة أو غير مهمة؛ فقد تنتبه أكثر إذا ما كان الشيء المعرض للفقد هو منزلك وليس مجرد مكافأة قدرها 10 دولارات. ثانيا: يمكن أن نتقبل فكرة أننا جميعا نرتكب أخطاء من آن لآخر؛ فحقيقة اتخاذك اختيارا غير عقلاني سهوا لا تعني ضمنا أنك كنت ستتمسك به لو تم لفت نظرك إلى عدم عقلانيته. ثالثا: قد نفسر نظرية الاختيار بوصفها استكشافا لمعنى أن تكون عقلانيا، وربما كمرشد نحو اتخاذ قرارات منطقية، وليس كوصف للشكل الذي يتصرف به الناس في الواقع. رابعا: يمكننا أن نحاول مراجعة النظرية لأخذ التناقض في الاعتبار، غير أن مراجعة النظرية لحل متناقضة معينة قد تخلق مشكلات أكثر مما تحل؛ فينبغي أن نضع في الأذهان قاعدة «القضايا الصعبة تخلق قانونا سيئا»، ويجب أن تصوغ استجابتك لكل من هذه المتناقضات.
وكتطبيق لنظرية الاختيار، أختتم بمناقشة ما إذا كانت هذه النظرية تلقي أي ضوء على ما قد يكون مقصودا بالتوزيع العادل للثروة؛ أي على ما يعرف ب «عدالة التوزيع». والواقع أن نتائج نظرية الاختيار بالنسبة لعدالة التوزيع قد تعتبر حبكة ثانوية متفرعة من القصة الأساسية.
وكما أشرت، قد نفسر نظرية الاختيار إما كاستكشاف لمعنى أن تكون عقلانيا، وإما كوصف للشكل الذي يتصرف به الناس في الواقع. وإذا تبنينا التفسير الأخير ، فلا ينبغي أن نخلط بين «الوصف» و«الشرح»؛ فالزعم لن يكون أن الناس ينفذون عن عمد العمليات الحسابية المتنوعة التي تقترحها النظرية، بل إنهم فقط - في المجمل - يتصرفون كما لو كانوا يفعلون ذلك؛ فالحصول على وصف جيد للطريقة التي تنمو بها الشجرة يتم من خلال افتراض أنها تخرج الأوراق بطريقة تزيد من المساحة المعرضة للشمس، ولكن لا يجرؤ أحد، ولا حتى أنصار البيئة، على الإشارة بشكل جدي إلى أن الشجرة تفعل ذلك عن عمد.
أما إذا فسرنا نظرية الاختيار كاستكشاف لمعنى أن تكون عقلانيا، فقد تعمل النظرية أيضا كدليل لاتخاذ قرارات منطقية، إلا أنها لن تقترح عليك، مثلا، أنك يجب أن تقامر أو يجب أن تؤمن على ممتلكاتك؛ لأن الاختيارات الفردية لا يمكن أن تكون معقولة أو غير معقولة (غير أنها قد تقترح أنه ليس من الحكمة أن تفعل الأمرين معا). بالمثل، لا يمكنها أن تنصح رينتون باختيار أو عدم اختيار الحياة. في الواقع، هو في النهاية يختار الحياة، وإن كان بدون أي حماس ملحوظ:
إنني أمضي قدما، وأستقيم وأختار الحياة. إنني متطلع إليها بالفعل. سأكون مثلك: الوظيفة، العائلة، التلفاز الكبير، غسالة الملابس، السيارة، مشغل الأقراص المضغوطة وفتاحة العلب الكهربائية، الصحة الجيدة، الكولسترول المنخفض، تأمين الأسنان، الرهن العقاري، المنزل الصغير، الثياب المريحة، الأمتعة، غرفة الضيافة ذات الثلاث قطع ... تتعايش، وتتطلع إلى المستقبل، حتى يوم مماتك. (3) ملخص
ينطوي الاختيار على انتقاء عنصر أو أكثر من قائمة ما، وهو يستكشف في أربعة سياقات: سياق اليقين، حيث جميع العناصر محددة؛ وسياق الشك، حيث تنطوي العناصر على أرجحية، في وجود أو عدم وجود احتمالات معينة؛ وسياق الاستراتيجية، حيث تتوقف الاختيارات الفردية لشخصين بعضها على بعض؛ وسياق الاختيار الجماعي، حيث يتعين على عدد من الأشخاص الاختيار بشكل جماعي. وتظهر التوجهات إزاء المخاطرة في سياق الشك، ويكون لها تبعات في سياق الاستراتيجية.
نامعلوم صفحہ