نظرية الاختيار: مقدمة قصيرة جدا
نظرية الاختيار: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
مع وضع هذه المبادئ الأساسية في الاعتبار، يمكننا تحويل انتباهنا إلى الاختيار من بين الرهانات. ويمكننا الاعتماد مباشرة على مناقشة الفصل الثاني؛ فمجرد تغيير اسم أحد عناصر القائمة من «الهليون» إلى «100 دولار باحتمالية 0,5، ولا شيء خلاف ذلك»؛ لا يمكن أن يغير أيا من نتائج ذلك الفصل. ومع ذلك، قد تكون الأمور هنا أكثر تعقيدا. على سبيل المثال، إذا كنت تفضل الحصول على 100 دولار عن الحصول على لا شيء، فسيبدو طبيعيا أن تفضل الرهان الذي يمنحك 100 دولار باحتمالية 0,9 ولا شيء خلاف ذلك، عن الرهان الذي يمنحك 100 دولار باحتمالية 0,1 ولا شيء خلاف ذلك ، غير أن مفهوم العقلانية الذي ناقشناه في الفصل الثاني لم يكن يعني ذلك ضمنا؛ ففي إطار هذا المفهوم، سيكون الأمر مشابها لوجوب تفضيلك «للدجاج» على «البط»؛ فقط لأنك تفضل «لحم التمساح» على «اللحم البقري».
والسبب في أن الأمور هنا قد تكون أكثر تعقيدا: أن عناصر القائمة في ظل اليقين ليست لها بنية داخلية؛ ف «الأفوكادو» هو ببساطة «أفوكادو». أما عناصر القائمة في ظل الشك، على الجانب الآخر، فلها بنية داخلية؛ إذ تتضمن جوائز واحتمالات على حد سواء. وهذا يعني أن ترتيبات الأفضلية في ظل اليقين هي نهاية الأمر؛ فلا يمكن أن تكون عقلانية أو لا عقلانية. ولكن يمكننا أن نتساءل بعقلانية ما إذا كانت ترتيبات الأفضلية في ظل الشك عقلانية. على سبيل المثال، يمكننا أن ننظر إلى الأنماط في التفضيلات الخاصة برهانات لها نفس الجوائز، ولكن باحتمالات مختلفة، مثل تلك التي تتضمن الحصول على 100 دولار أو لا شيء. (2) رهانات الاحتمالية
في ضوء هذه المناقشة، سوف أفترض أن الاختيارات من الرهانات يمكن تفسيرها بترتيب للأفضلية، وأتساءل عما يعنيه أن يكون هذا الترتيب عقلانيا. وما دمت لن ألقي بالا لعلاقات التفضيل التي ليست ترتيبات - أي غير المتعدية - فسوف أشير من الآن فصاعدا إلى ترتيبات الأفضلية ببساطة ب «التفضيلات».
تأمل المثال التالي الذي يبدو أن به شيئا خاطئا. (2-1) مثال الخضراوات
أنت تفضل «الباذنجان» على «البروكلي»، ولكن في ظل علمك بأن الخدمة عشوائية، وأن أيا كان ما ستطلبه فهناك احتمالية قدرها 0,1 أن يأتيك بدلا منه «قرنبيط»، فإنك تطلب بروكلي؛ أي إنك تفضل «البروكلي باحتمالية 0,9 والقرنبيط خلاف ذلك» على «الباذنجان باحتمالية 0,9 والقرنبيط خلاف ذلك.»
إن مشكلة اختياراتك في هذا المثال تكمن في أنه في الحالة الثانية تكون النتيجة (ج) واحدة في كلا الرهانين، ومع ذلك فأنت تدعها تؤثر عليك. سيبدو الأمر طبيعيا أكثر لو أنك، عند مقارنة الرهانين، تجاهلت الجوانب التي يتشابهان فيها وركزت على جوانب اختلافهما. بالطبع قد تفضل «احتمالية قدرها 0,9 للنتيجة (ب)، واحتمالية قدرها 0,1 للنتيجة (ج)» على «احتمالية قدرها 0,9 للنتيجة (أ)، واحتمالية قدرها 0,1 للنتيجة (ج)»، على الرغم من تفضيلك (أ) وحدها على (ب) وحدها (ربما لأن (ج) تتماشى مع (ب) أكثر من (أ))، غير أن أيا من هذه الخيارات لا يقدم؛ فإما ستحصل على ما طلبت، وإما ستحصل على (ج). فإذا حصلت على ما طلبت، فلا يصبح ل (ج) أهمية؛ وإذا حصلت على (ج)، فلا يهم ماذا طلبت. ولضمان عدم تعكير هذه التفاهات للصورة، قد نشترط أنك إذا ما كنت تفضل رهانا على آخر؛ فإنك إذن تفضل أي مزيج من الرهان الأول ورهان ثالث على مزيج من الرهان الثاني والثالث بنفس الأوزان. وهذا الشرط هو «شرط الاستبدال».
ولشرط الاستبدال دلالة ضمنية مباشرة؛ وهذه الدلالة هي أنك إذا كنت تفضل الحصول على 100 دولار على لا شيء، فإنك تفضل الرهان الذي يمنحك 100 دولار باحتمالية قدرها 0,9 ولا شيء خلاف ذلك، على الرهان الذي يمنحك 100 دولار باحتمالية 0,1 ولا شيء خلاف ذلك. بشكل أكثر عمومية، إذا كنت تفضل رهانا على آخر، فإنك تفضل مزيجا من الاثنين على مزيج ثان إذا، وفقط إذا، كان وزن الرهان الأفضل في المزيج الأول أكبر من وزن الرهان الأفضل في المزيج الثاني.
ثمة مشكلة من نوع مختلف تظهر في المثال التالي. (2-2) مثال الفاكهة
أنت تفضل «التفاح» على «الموز»، و«الموز» على «الكرز» (و«التفاح» على «الكرز» بما أنك عقلاني)، غير أنك تفضل «الموز» على كل رهان يمنحك إما «التفاح» وإما «الكرز» الكريه، مهما كانت احتمالية الحصول على الأخير منخفضة.
تكمن مشكلة اختياراتك في هذا المثال في وجود قفزة في تفضيلاتك. تأمل تفضيلك فيما بين (ب) والرهان (س)، الذي يمنحك (أ) باحتمالية تساوي (ح)، و(ج) باحتمالية ما تساوي (ح). إذا كانت (ح) أقل من 1، مهما قد تكون قريبة إلى 1، فإنك تفضل (ب)؛ ولكن حين تكون (ح) تساوي 1، بمعنى عندما يصبح الرهان (س) ببساطة (أ)، فإنك تفضل (ص). وهكذا فإنك تنتقل في مرحلة ما من تفضيل رهان على الآخر دون المرور بالمرحلة المتوسطة من الحياد بين الاثنين. ويتضح هذا في الجدول:
نامعلوم صفحہ