283

نواهد الأبکار

نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي

ناشر

جامعة أم القرى

پبلشر کا مقام

كلية الدعوة وأصول الدين

وأما قراءة (لَا رَيْبَ فِيهِ) بالرفع فهو وإن كان نكرة في سياق النفي لكنه نقيض قولنا: ريب فيه، وهو يحتمل أن يكون إثباتا لفرد واحد منها، ونفيه يفيد انتفاءه (١). وقال الزجاج: إذا قلت: لا رجلٌ في الدار جاز أن يكون فيها رجلان، وإذا قلت: لا رجلَ في الدار فهو نفي عام (٢). وقال الشيخ أكمل الدين: قد رد ما ذكره صاحب " الكشاف " من الفرق بأن (ريب) في (لَا رَيْبَ فِيهِ) نكرة، والنكرة في سياق النفي تعم، فينتفي جميع آحاد الريب، فلا فرق في ذلك بين نفي الجنس وغيره. قال: والجواب أنه غلط؛ لأن الذي ذكره من كون النكرة تعم دليل جواز الاستغراق؛ إذ لولا ذلك لكان نكرة في سياق الإثبات، ولم تكن عامة، ولأن المبني في تقدير " من " الاستغراقية؛ لكونها مؤكدة للنفي، والنفي المؤكد ليس كغيره، وإلا كان الشيء مع غيره كالشيء لا مع غيره، ولأن " من " المقدرة زائدة، لعدم اختلال أصل المعنى بتركه، وأَقَلُّ مراتبها التأكيد، وتأكيد العام ينفي احتمال الخصوص، فكان محكما في الاستغراق، لا يفارقه، وليس كذلك الذي مع " لا " المشبهة بليس، فإن احتمال الخصوص فيه باق؛ لعدم ما يقطعه، فكانت دلالته على الاستغراق جائزة الافتراق، وهو ظاهر لا محالة (٣). وقال أبو حيان: قرئ بالرفع، والمراد أيضًا الاستغراق؛ بأنه لا يريد نفي ريب واحد عنه، فيكون مبتدءا، و(فيه) الخبر، وهذا ضعيف، لعدم تكرار " لا "، أو يكون أعملها إعمال ليس، وهو ضعيف، فيكون (فيه) في موضع نصب على قول الجمهور من أن لا إذا أعملت عمل ليس رفعت الاسم، ونصبت الخبر (٤). قوله: (ولم يقدم كما قدم في قوله (لَا فِيهَا غَوْلٌ) لأنه لم يقصد تخصيص نفي الريب به من بين سائر الكتب، كما قصد ثمة). قال أبو حيان: انتقل الزمخشري من دعوى الاختصاص بتقديم المفعول إلى دعواه بتقديم الخبر، ولا نعلم أحدا يفرق بين: ليس في الدار رجل، وليس رجل في الدار (٥).

1 / 284