عاب رجل رجلا عند المأمون، فقال له: قد استدللنا على كثرة عيوبك بما تذكر من عيوب الناس؛ لأن طالب العيوب إنما يطلبها بقدر ما هي فيه، لا بقدر ما فيه منها، قال الشاعر:
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
ويعمى عن العيب الذي هو فيه
وما خير من تخفى عليه عيوبه
ويبدلها بالعيب عيب أخيه
المأمون وسهل بن هارون
كان المأمون يستقبل سهل بن هارون، فدخل عليه يوما والناس جلوس، وقد أسبلوا براقع الغفلة على وجوه الفطن، والفهم عنهم قد رحل، والتبلد فيهم قد قطن، فلما فرغ المأمون من كلامه أقبل سهل على الناس، وقال: ما لكم تسمعون ولا تعون؟ وتفهمون ولا تفهمون؟! وتشاهدون ولا تعجبون؟! والله إنه ليقول ويفعل في اليوم القصير مثل ما يفعله أبو مروان في الزمن الطويل، عربكم كعجمهم، وعجمكم كعبيدهم، لكن كيف يعرف الدواء من لا يشعر بالداء؟! فاستحسن المأمون منه ذلك، وأنزله منزلته الأولى.
أبو محمد اليزيدي والمأمون
كان أبو محمد اليزيدي ينادم المأمون، فغلب عليه الشراب ذات ليلة فغلبه، فأمر المأمون بحمله إلى منزله برفق، فلما أفاق استحى وانقطع عن الركوب أياما، فلما طال عليه ذلك كتب إلى المأمون:
أنا المذنب الخطاء والعفو واسع
نامعلوم صفحہ