وفد عمرو بن معدي كرب الزبيدي على مجاشع بن مسعود السلمي، وكان بين عمرو وبني سليم حروب في الجاهلية، فقدم عليه في البصرة يسأله الصلة، فقال له: اذكر حاجتك، فقال له: حاجتي صلة مثلي، فأعطاه عشر آلاف درهم وفرسا من بنات الغبراء وسيفا جرارا ودرعا حصينة وغلاما خبازا، فلما خرج من عنده قال له أهل المجلس: كيف وجدت حاجتك؟ قال: لله در بني سليم، ما أشد في الهجاء لفاءها وأكثر في الأواء عطاءها وأثبت في المكرمات بناها.
الكريم والعاشق
رجع أسماء بن خارجة يوما إلى داره فرأى فتى بالباب جالسا فقال: ما أجلسك هاهنا؟ قال: خير، قال: والله لتخبرني، قال: جئت سائلا أهل هذه الدار ما آكل، فخرجت إلي جارية اختطفت قلبي وسلبت عقلي، فأنا جالس لعلها تخرج ثانية فأنظر إليها، قال: أتعرفها إذا رأيتها؟ قال: نعم فدعا كل من في الدار من الجواري وجعل يعرضهم عليه واحدة بعد أخرى حتى مرت الجارية، فقال: هذه فقال: قف مكانك حتى أخرج إليك، ثم دخل وخرج والجارية معه فقال للفتى: إنما أبطأت عليك لأنها لم تكن لي إنما كانت لإحدى بناتي، ولم أزل بها حتى ابتعتها منها، خذ بيدها فإني قد وهبتها لك، وهذه الألف أصلح بها من شأنك.
إكرام النفس
قال الأصمعي: اجتزت في بعض سكك الكوفة، فإذا برجل قد خرج من الحي وعلى كتفه جرة وهو ينشد ويقول:
وأكرم نفسي إنني إن أهنتها
وحقك لم تكرم على أحد بعدي
فقلت له: تكرمها بمثل هذا، فقال: نعم، وأستغني عن سفيه مثلك إذا سألته يقول صفح الله لك، فقلت: تراه عرفني، فأسرعت فصاح بي يا أصمعي، فالتفت إليه فقال:
لنقل الصخر من قلل الجبال
أحب إلي من منن الرجال
نامعلوم صفحہ