نتائج الفكر في النحو للسهيلي

ابو القاسم السهیلی d. 581 AH
196

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

ناشر

دار الكتب العلمية

پبلشر کا مقام

بيروت

(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ولم يقل: فانون، كما قال ﷿: (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) وقوله تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) . إلى غير ذلك من الشواهد التي يغني عن غايتها الشاهد. فإن قيل: فقد ورد في القرآن موضعان أفرد فيها الخبر عن " كل "، وهي غيم مضافة إلى شيء بعدها، وهما قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) و(كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ)، ولم يقل: كذبوا؟. فالجواب: أنه في هاتين الآيتين قرينة تقتضي تخصيص المعنى بهذا اللفظ دون غيره أما قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) فلأن قبلها ذكر فريقين مختلفين، وذكر مؤمنين وظالمين، فلو قال: " كل يعملون " وجمعهم في الإخبار عنهم لبطل معنى الاختلاف، فكان لفظ الإفراد أدل على المراد، كان يقول: " كل فريق يعمل على شاكلته ". وأما قوله تعالى: (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ)، فلأنه ذكر قرونًا وأممًا، وختم ذكرهم بذكر قوم تُبَّع، فلو قال: كل كذبوا، و(كُلٌّ) إذا أفردت إنما تعتمد على أقرب المذكورين إليها، فكان يذهب الوهم إلى أن الإخبار عن قوم تبع خاصة، أنهم كذبوا الرسل، فلما قال: (كُلٌّ كَذَّبَ) علم أنه يريد كل قرن منهم كذب، لأن إفراد الخبر عن (كُلٌّ) حيث وقع إنما يدل على هذا المعنى كما تقدم، ومثله قوله تعالى: (كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ) . وأما قولنا في: (كُلّ) إذا كانت مقطوعة عن الإضافة فحقها أن تكون مبتدأة فإنما تريد أنها مبتدأة مخبر عنها، أو مبتدأة منصوبة بفعل بعدها لا قبلها، أو مجرورة يتعلق خافضها بما بعدها، كقولك: كلًّا ضربت، وبكل مررت، قال الشاعر: كلًّا بلوت فلا النعماء تبطرني

1 / 219