ولكن النمسا لم تكف مع ذلك كله عن حشد الجنود، فأعدت جيشا سادسا تحت إمرة الأرشيدوق شارل نفسه، ولم تعتبر بأن أولئك الفرنسويين الذين لم يجمعوا في ستة أشهر كاملة أكثر من 36 ألف رجل قهروا بهذه القوة وحدها 260 ألف رجل، منهم 200 ألف نمسوي، وقاتلوا في ستين معركة، فما وصل الجيش النمسوي الجديد حتى كسره نابوليون شر كسرة، ثم زحف إلى النمسا نفسها ليعاقبها، فدخل «فينا» واضطر الحكومة النمسوية إلى عقد الصلح والاعتراف بضم البلدان التي قرر ضمها إلى الجمهورية الفرنسوية (معاهدة كامبو فورميو 17 أكتوبر سنة 1897).
ثم عاد نابوليون إلى باريس حيث استقبل باحتفال عظيم باهر، وسلم تلك المعاهدة إلى باراس رئيس الديركتوار.
فليفكر القارئ كيف كانت حال نابوليون وكم كانت مشاغله عظيمة أيام أرسل تلك الكتب الغرامية إلى جوزفين ...
الفصل العاشر
إلى مصر
مع رجال الحرب ورجال العلم سنة 1798
لشدة ما قاسى نابوليون من مقاومة إنكلترا المعتصمة في جزرها أعد حملة مصر ليجعلها أول مرحلة في غزو الهند، ثم زاده عزما على هذا الأمر أن الاستيلاء على وادي النيل يؤيد نفوذ دولته في البحر المتوسط.
وفي أوائل مايو من تلك السنة تم استعداد الحملة، وفي الرابع منه برح نابوليون باريس ومعه جوزفين، وفي 8 إبريل وصل إلى طولون، وفي 19 منه أبحر على البارجة أوريان بعد أن ودع جوزفين وداعا مؤثرا، وقيل إن جوزفين عرضت عليه أن تسافر معه تلطفا ومجاملة فأبى أن يستصحبها في هذا السفر المحفوف بالمخاطر.
وفي 13 يونيو وصل نابوليون إلى جزيرة مالطة فأخذها عنوة، وفي 2 يوليو نزل بثغر الإسكندرية وبدأ أعماله الحربية، وكان عدد جنوده 35 ألفا ومعهم جملة من العلماء مثل شامبليون وفورييه وبرتوليه ومونج غيرهم من الذين تركوا آثارا خالدة.
وكان نابوليون مع أشغاله الكثيرة والأخطار المحدقة به يفكر على الدوام في جوزفين ويخشى طيشها وخفتها؛ بدليل ما كتبه إلى أخيه جوزيف حيث قال: «أكرم جوزفين وزرها بين حين وآخر، وارج من لويس أن يقدم لها نصائح حسنة ...»
نامعلوم صفحہ