فمن عرف بآي وصل الكتاب من فصله، ومنشاه ومقره من منسوخه ومبدله، سلم بإذن الله من الهلكات، واعتصم بمعرفته من الشبه والمضلات، ومن عمي وتحير عن ذلك، وقع في بحور المهالك، لا ينجيه من أمواج لجج غورها، إلا من وهبه الله فهم آياته ونورها، وعرف بإذن الله المتصل من المنفصل، والمقر المنشأ من المنسوخ والمبدل، وعلم أن المنسوخ المبدل فيه من الله رحمة لخلقه، وحكمة منه سبحانه زاد بها في مبين حقه، إذ صرف بالتبديل فيه لهم الأقوال، وضرب به لهم في التفصيل الأمثال، فقال سبحانه: { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون } [إبراهيم: 25]. وقال سبحانه: { إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } [الرعد: 3، الروم: 21، الزمر: 42، الجاثية: 13]. فمن لم يكن له نظر ولا فكرة، لم تنفعه آية ولا تذكرة، وطبع على قلبه، ورين عليه بكسبه، كما قال الله سبحانه: { وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } [التوبة: 87]. و{ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }. [المطففين: 14]. وما ذكر من الران والطبع، فهو بما كان لهم من الخطيئة في الصنع، فليس بحمد الله علينا لمبطل - في المنسوخ من كتاب الله والمبدل، عليه - من توهين، ولا لبسة في دين.
صفحہ 44